الوسم : رديئة

14مايو

أثر السلع الرديئة والمقلدة على اقتصاد الأسرة

أثر السلع الرديئة والمقلدة على اقتصاد الأسرة

دراسة ( 2004م)

د. عبد الله حمدان الباتل ( رحمه الله )
قسم الاقتصاد – كلية العلوم الإدارية – جامعة الملك سعود سابقا
رئيس مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية سابقا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يرتكز علم الاقتصاد على قضية هامة تتعلق بالكيفية التي يتم بها تلبية حاجات ورغبات الإنسان باستخدام موارده المحدودة هذا إلى جانب أن الحاجات الإنسانية متعددة ومختلفة، إذ هي تبدأ بالحاجات الحيوية (الضرورية) وتمتد لتشمل الحاجات الكمالية والاجتماعية والثقافية، ومحاولة إشباع تلك الحاجات والرغبات يتطلب عدداً لا حصر له من السلع والخدمات. ونفرق أحياناً بين الضروريات والكميات، بحيث يختلف تقويم السلعة كضرورية أو كمالية من شخص لآخر ومن مكان لآخر أو من زمن لآخر، هذا بالإضافة إلى أن ما يعتبره الفرد كمالياً في زمن معين ربما يصبح ضرورياً في زمن وظروف أخرى نتيجة تغير ظروفه المعيشية. وتتعدد حاجات الإنسان لإشباع أو تلبية عدة أذواق. كما أن إشباع بعض الحاجات يولد حاجات أخرى، والحاجات أيضاً متجددة، فما كان يمكن أن يعتبر كافياً ومرضياً قبل فترة من الزمن قد لا يعتبر مرضياً اليوم، كما أن مالا نستطيع الحصول عليه الآن يمكن أن يكون أكثر وفرة في المستقبل.

السوق:
عند دراسة الآثار المترتبة على تلبية حاجات الإنسان من السلع والخدمات بأنواعها فإنه لا بد من النظر إلى نظام السوق والذي يمثل في النظام الرأسمالي الوضع الذي يتعامل فيه البائع والمشتري. فالسوق يمكن أن يمثل مكاناً محدداً يجري التعامل فيه بسلعة واحدة. ويمكن إلا يمثل السوق مكاناً واحداً للقاء البائعين والمشترين، ولكن كمجموعة أسواق التعامل بينهم يمثل نوعاً من السوق. ويمكن أن لا يلتقي البائعون والمشترون إطلاقاً، ولكن تتم العلاقة بينهم عبر وسائل الاتصال. بل أن هناك أسواقاً ليس لها مكان محدد، بل تمثل علاقة البيع والشراء، مثل سوق الأوراق المالية أو سوق العملات الأجنبية. بل أن بعض السلع الدولية يتخطى سوقها الحدود الجغرافية.
ويفترض في نظام السوق في علاقته المبدئية وجود وحدتين رئيسيتين لاتخاذ القرارات الاقتصادية:
( أ ) قطاع المستهلكين، وهؤلاء يمثلون الأفراد والعائلات التي تشتري السلع والخدمات، ولكنها تبيع عناصر الإنتاج، مثل خدمات العمل ورأس المال والأرض.
(ب) قطاع الأعمال، وهؤلاء يقومون بشراء خدمات عناصر الإنتاج من قطاع المستهلكين لغرض إنتاج السلع والخدمات التي يبيعونها بدورهم إلى قطاع المستهلكين.
فهناك علاقة بيع وشراء بالنسبة للسلع والخدمات، وعلاقة بيع وشراء بالنسبة لعناصر الإنتاج، ومجموع تلك العلاقات ونتائجها تمثل نظام السوق، ونحن نتعرض لنظام السوق في جوانب كثيرة من حياتنا، إذ إننا كثيراً ما نبيع ونشتري. ولكن يغيب عن الكثيرين إدراك الكيفية التي يسير فيها تنظيم السوق، والمؤشرات التي نعرف من خلالها رغبات البائعين والمشترين.
ففي نظام السوق حيث يتعامل البائعون والمشترون تمثل الأسعار مؤشرات لتسجيل رغبات كلا الطرفين. فهي تزود البائعين والمشترين بالمعلومات وتعطيهم الحوافز. وتمثل الأسعار المؤشرات التي تستطيع من خلالها وحدات القرار الاقتصادي اتخاذ قرارتها الإنتاجية والاستهلاكية وتتخذ أسعار السلع والخدمات في السوق عن طريق العرض والطلب.
ولكن في نفس الوقت هناك عوامل كثيرة تؤثر على الكميات التي يرغب ويستطيع الأفراد شراءها من السلع أو الخدمات، فهناك مثلاً سعر السلعة وما إذا كان مرتفعاً أو منخفضاً، وهناك أيضاً دخول الأفراد وأذواقهم وعاداتهم الاستهلاكية وأعدادهم، والسياسات الحكومية من ضرائب ورسوم، وهناك أيضاً أسعار السلع الأخرى، وغير ذلك من عوامل تؤثر إما بشكل مباشر أو غير مباشر على الكميات التي يرغب الأفراد في شرائها من السلعة.
ولهذا ومع أن العلاقة بين الكمية المطلوبة من السلعة وسعر السلعة نفسها يعتبر عاملاً مهماً في الطلب على السلعة ولكن نعلم أيضاً أن الكمية التي يرغب ويستطيع الأفراد شرائها من السلعة تعتمد على أشياء أخرى بخلاف السعر، مثل الدخل والأذواق وعدد أفراد الأسرة وأسعار السلع الأخرى، والتوقعات الخاصة بالسلعة.

التغير في الدخل:
إذا حدثت زيادة في دخول الأفراد فإنهم يكونون أكثر قدرة على شراء السلعة العادية بمعنى أن الكمية التي يقوم الأفراد بشرائها عند الأسعار المختلفة تزداد بزيادة دخولهم والعكس صحيح.
هذا وقد لوحظ أنه قد توجد أنواع من السلع تؤدي زيادة دخل الأفراد إلى تخفيض الكمية التي يرغبون في شرائها من السلعة.

تغير الأذواق:
يؤدي التغير في الأذواق أو العادات الاستهلاكية إلى زيادة أو نقص الكمية التي يطلبها الأفراد بالأسعار المختلفة. فالأذواق كما نعلم ليست ثابتة إذ أن ما يعتبره الفرد كمالياً اليوم يمكن أن يكون ضرورياً بالنسبة له في يوم آخر.

تغير أسعار السلع الأخرى:
إذا حدث تغير في سعر سلعة معينة فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى تغير الطلب على سلعة أخرى. كما أن هناك أنواع من السلع تؤدي الزيادة في سعر واحدة منها إلى تخفيض الكمية المطلوبة من كلتا السلعتين.
وتؤثر توقعات الأفراد على طلبهم على السلع المختلفة، فإذا توقع الأفراد أن بعض الأحداث ستحصل فإنهم ربما يقومون بزادة طلبهم على السلع التي قد تتأثر بتلك الأحداث. أي أنهم سيقومون بشراء كمية أكبر من المعتاد.

المستهلك:
كلمة المستهلك المستخدمة في التحليل الاقتصادي تشير إلى وحدة القرار الاقتصادي الخاص بالإنفاق على أو الاستهلاك من السلع والخدمات سواء كانت وحدة القرار هذه صادرة من فرد أم عائلة.
والافتراض الأساسي في تحليل سلوك المستهلك هو الرشد الاقتصادي أو العقلانية التي تقوم على فرضية أن المستهلك يقوم بشراء السلع والخدمات التي يحقق منها فائدة ذاتية، لذلك فهو يسعى للحصول على أكبر فائدة ممكنة في حدود الدخل المتاح لديه لشراء السلع والخدمات. أي أن المستهلك لا يستطيع أن ينفق على شراء السلع والخدمات أكثر من الدخل الموجود لديه أو المتاح له. فإذا كان دخل المستهلك ثابتاً وأسعار السلع معروفة، ولا يستطيع المستهلك أن يؤثر عليها فما هي الاعتبارات التي يأخذها المستهلك عند شرائه السلع والخدمات؟

يقوم أي مستهلك بشراء سلعة معينة لأنه يحصل على إشباع معين من استهلاك تلك السلعة. فالإشباع أو المنفعة التي تعود للمستهلك من استهلاك سلعة معينة تعد ذاتية، ويعود تقويمها له هو. وقد يختلف تقويم منفعة سلعة من مستهلك لآخر. وتختلف المنفعة باختلاف الزمان والمكان والظروف.
فالمستهلك لا يشتري عادة سلعة واحدة ولكن تواجهه مشكلة الاختبار بين عدة سلع لكل منها منافع مختلفة. وهو يمتلك دخلاً محدوداً ينفقه على شراء تلك السلع والخدمات. وباختصار فإن المستهلك يواجه ما يلي:
1 – عدة سلع وخدمات يرغب في شرائها.
2 – أسعار لتلك السلع والخدمات.
3 – دخل محدود ومخصص للإنفاق على تلك السلع والخدمات.
وهو يسعى لتحقيق أقصى إشباع أو منفعة ممكنة في حدود دخله. وفي هذا الوضع لا بد أن يتعرض المستهلك لمشكلة الاختبار بين السلع والخدمات المختلفة. فإذا قرر زيادة إنفاقه على سلعة معينة فلا بد أن يخفض من إنفاقه على سلعة أخرى، لأن دخله محدود وحاجاته ورغباته غير محدودة فالمستهلك ينفق دخله على مئات السلع والخدمات.
ويعتبر الرشد الاقتصادي من الافتراضات الرئيسية في التحليل الاقتصادي ويمتد ليشمل تصرفات المستهلك وتصرفات المنتج وتصرفات جميع فئات المجتمع الاقتصادية. ويمكن النظر إلى الرشد أو العقلانية في التصرف في وجهتين: الأولى تركز على الطريقة أو المنهج المتبع، والثانية تركز على الهدف أو النتيجة المتوخاة إذ على أساس الطريقة يعني الرشد اختيار الشيء تبعاً لبناء منطقي معين، أما الرشد على أساس النتيجة فيعني اختيار الشيء لغرض تحقيق هدف محدد. والوضع الأمثل يتحقق عندما نختار الطريقة الصحيحة للوصول إلى الهدف. ولكن يمكن في بعض الأحيان ألا تؤدي الطريقة الصحيحة للوصول إلى الهدف. وعندما يشير الاقتصاديون إلى الرشد الاقتصادي فإنهم يركزون على اختيار الوسائل الكفيلة لتحقيق هدف معين. لهذا فإن افتراض الرشد الاقتصادي بالنسبة للمستهلك يركز على أن للمستهلك هدفاً معيناً من استهلاك السلعة وهو تحقيق أقصى فائدة أو منفعة، أي أن بامكانه تقويم الفائدة والضرر من السلعة.
وافتراض الرشد الاقتصادي أساس في البناء النظري للمدرسة الاقتصادية التقليدية، ألا أن هذا الافتراض تعرض لنقد من بعض الاقتصاديين. وقد انصب النقد بالنسبة لافتراض المستهلك الرشيد على الجانب النظري والجانب الواقعي. ففي الجانب النظري تعمد المدرسة التقليدية في الاقتصاد إلى استخدام مذهب المتعة الفلسفي لتفسير سلوك الفرد، ويضع هذا المذهب هدفاً محدداً لكل تصرف يقوم به الفرد. مع أن الفرد يمكن أن يقوم بتصرفات لا تنطوي بالضرورة على هدف محدد أو ملموس. أما في الجانب الواقعي فقد أشار منتقدو نظرية المستهلك الرشيد إلى أن تحقيق المنفعة أو الفائدة الذاتية له بعد ثقافي وحضاري ويعتمد على العادات والأوضاع الاجتماعية السائدة ولا يتم بمعزل عن تلك الأوضاع.
وقد أشار البعض إلى الأثر الذي يمارسه الإعلان على تصرفات المستهلك تجاه السلعة، إذ أن الحملة الإعلانية المرغبة بسلعة ما يمكن أن تغير تفضيلات المستهلك رأساً على عقب وتتحكم بسلوكه الاقتصادي.

أنواع السلع:
يتم يومياً تبادل عدد هائل من السلع والخدمات بين الأفراد والعوائل والمنشآت وغيرها من المنتجين (البائعين) والمشترين (المستهلكين). وتنقسم السلع إلى سلع استهلاكية وسلع معمرة وهي قد تكون سلعة ضرورية أو كمالية، كما أنها قد تكون سلعة مكملة أو بديلة وهي أيضاً قد تكون سلع نهائية أو سلع وسيطة فالسلع النهائية يتم استهلاكها أو استخدامها مباشرة أما السلع الوسيطة فإنها تستخدم كجزء من سلعة وسيطة أخرى أو سلعة نهائية ولكن أياً من هذه السلع لا يمكن استخدامها بدون توافر السلعة الوسيط ولهذا فإنها تكون سلعة مكملة لهذه السلع. هذا إلى جانب أن هناك سلع بديلة تقوم مقام بعضها والبض الآخر.
ولا يمكن إغفال أهمية الجودة والنوعية في أي سلعة، فأغلب السلع يتم إنتاجها على أساس مواصفات من الجودة والنوعية المتعارف عليها، ولكن هناك سلع أخرى قد لا تكون على مستوى من الجودة أو النوعية ولكنها في بعض الأحيان قد ترضي المستهلك ويستعيض بها كبديل للسلعة ذات الجودة العالية. ومن جانب آخر فإن هناك ما يسمى بالسلع الرديئة والمغشوشة والتي قد تماثل أو تشابه السلع الجيدة من حيث الشكل ولكنها في الحقيقة عديمة الجودة. والمنتج في هذه الحالة لديه معلومات كافية عن سلعته ولكن المشتري (المستهلك) لا يملك هذه المعلومات. وتعرف هذه الحالة بالتدليس حيث يخفى المنتج (البائع) المعلومات المطلوبة عن الجانب الآخر (المشتري) ويعرضها على أنها تضاهي السلعة ذات النوعية الجيدة.
وفي هذه الحالة فإن المستهلك يتضرر من السلعة الرديئة سواء كان هذا الضرر مادياً أو معنوياً. حيث يدفع سعراً أعلى لهذه السلعة، وفي نفس الوقت يحصل على منفعة أقل أو حتى قد تكون المنفعة بالسالب إذا تسببت هذه السلعة بأضرار مادية أو معنوية أو صحية ترغم المشتري (المستهلك) على إنفاق مبالغ إضافية للتخلص من الأضرار التي سببها استخدام هذه السلع الرديئة أو المغشوشة. وفي نفس الوقت قد يحصل المنتج (البائع) على أرباح إضافية من إنتاج وبيع السلع الرديئة والمغشوشة على حساب المشتري (المستهلك) حيث أن هذه السلعة تباع بسعر أعلى من تكاليف إنتاجها وعلى أنها مساوية في الجودة السلعة ذات النوعية والجودة العالية. وهذا يتم عن طريق استخدام معادلة الأرباح والتي يمكن الحصول عليها عن طريق المعادلة التالية: الأرباح = الإيرادات – التكاليف. وهنا فإننا نتكلم عن الأرباح النسبية فمع أن المنتج قد يحصل على أرباح منخفضة اسمياً من بيع السلعة إلا أنه نسبياً قد يحصل على أرباح عالية مقارنة بتكاليفه. وفي نفس القوت فإن المشتري (المستهلك) قد يحصل على سلعة رديئة تعطيه خدمة أقل من المتوقع.
ومن المعروف أن المنفعة التي يحصل عليها المشتري (المستهلك) من شراء واقتناء واستهلاك أي سلعة يكون بالموجب حيث يحصل المستهلك على إشباع رغبته من هذه السلعة عن طريق اقتنائها واستهلاكها أو استخدامها، إلا أن السلع الرديئة والمقلدة قد تتسبب بأضرار للمستهلك تؤدي إلى خسارة نسبية له حيث أن مثل هذه السلع قد لا تعمر طويلاً، هذا إلى جانب أن المستهلك قد يتكبد خسائر أخرى لمعالجة الأضرار الناتجة عن استخدام السلع الرديئة والمغشوشة والمقلدة. وتشمل هذه التكاليف تكاليف الأضرار المترتبة عن التلوث والإصابة بعض الأضرار الجسدية والمعنوية التي قد تنشأ من استخدام هذه السلع. وقد يندرج تحت هذه الأضرار أمراض الحساسية والتقرحات والبثور خصوصاً عند استخدام بعض المواد التي تشتمل على مواد كيمياوية وكذلك الأدوية والأغذية وأدوات الطلاء خصوصاً عندما تحصل أخطاء في طريقة تركيب هذه المواد بنسب ومقادير مختلفة عما هو مقرر لها. ويعود ذلك إلى أن بعض المنتجين قد يستعيض بمواد رخيصة مشابهه للمواد المستخدمة في تركيبة هذه السلع أو خفض نسب بعض المستحضرات الطبية والغذائية من أجل خفض التكاليف.

هل تعتبر ظاهرة السلع المقلدة والرديئة جديدة؟
ليست بالظاهرة الجديدة، فقد اعتمدت عليها بعض الدول النامية والتي دخلت أسواق الإنتاج الصناعي حديثاً.
فمن المعروف أن اليابان كانت من أوائل الدول التي استخدمت طريقة تقليد السلع وإنتاجها بشكل غزير حيث غزت العالم حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من تطور اقتصادي، وتقني هائل ثم تبعتها دول أخرى مثل تايوان وهونج كونج، وسنغافورة، وكوريا، وماليزيا، واندونيسيا.
وفي الوقت الحاضر فإن الصين قد دخلت هذا المضمار وبدأت تغزو العالم بإنتاجها وسلعها سواء منها الجيد أو الرديء وقد وجدت أسواق كثيرة لمنتجاتها بأنواعها. فالصين تحرص على توجيه سلعها الجيدة وذات النوعية العالية إلى أسواق الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان، وتحتفظ بالسلع الرديئة لأسواق دول أخرى لا تهتم ولا تدقق في نوعية هذه السلع مثل دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقد تطورت تجارة المملكة مع الصين إلى أن وصلت قيمة الواردات منها في عام 2002م إلى أكثر من 6.441 مليار ريال، وأغلب السلع المستوردة من الصين تندرج ضمن بعض السلع المقلدة والرديئة.
ولا تزال دول أخرى مثل تايوان والتي بلغت الواردات منها إلى ما يقارب 1.160 مليار ريال خلال نفس العام، وهونج كونج والتي وصلت قيمة الواردات منها أيضاً إلى أكثر من 7.220 مليار ريال خلال عام 2002م.
هل توجد هذه الظاهرة في الدول الأخرى؟
نعم ظاهرة السلع الرديئة أو السلع ذات النوعية المنخفضة موجودة في كل الدول والمجتمعات وحتى في الدول الصناعية ولكن أغلب هذه الدول تحرص على أن تكون هذه السلع ذات جودة ونوعية معينة، تسمى النوعية أو الجودة الأقل، وتنتشر محلات بيع هذه السلع في أماكن كثيرة ولكن تحت إشراف قطاعات حكومية وجمعيات أهلية مختلفة، تعنى بحماية المستهلك وتراقب هذه السلع للتأكد من أنها تشتمل على الحد الأدنى من المواصفات.

لماذا يتم استهداف بعض المجتمعات بالسلع الرديئة والمقلدة والمغشوشة؟
لا يمكن الإجابة بشكل قاطع عن السبب من استهداف بعض المجتمعات وإغراقها بسلع رديئة ومغشوشة لا تحمل أي نسبة من الجودة أو حتى المواصفات الدنيا من الجودة. ولكن قد يكون الجواب أو بعضاً منه أن المجتمعات المستهدفة هي مجتمعات مستوردة ويقوم المستوردون لهذه السلع بجلب هذه السلع ومن ثم بيعها وبعد ذلك تتغير الأنشطة التجارية التي يقومون بها. حيث أن الهدف الأساسي لهؤلاء المستوردين هو الربح فقط. وبالنسبة للدول المصدرة فإن هدفها الرئيسي هو التخلص من المخلفات الصناعية لديها لأن هذه المخلفات تكلفها كثيراً حتى كنفايات ولهذا فإنها تبحث عن من يقوم بهذه المهمة.

أين يتم توزيع هذه السلع؟
هناك منافذ كثيرة يتم استخدامها لترويج وبيع السلع الرديئة والمقلدة وتشمل هذه المنافذ محلات البيع المتنقلة على بعض الطرق وأمام المساجد والمراكز الكبيرة. وكذلك التسويق المنزلي أو عبر التلفون، كما أن هناك بعض المحلات التي تفتح لفترة قصيرة لترويج مثل هذه السلع ومن ثم تغيير النشاط التجاري أو الانتقال إلى أماكن أخرى. ومن المعروف في هذه الحالة أن المروجين والقائمين على بيع هذه السلع هدفهم قصير الأجل ولا ينظرون إلى إعادة البيع على أنها ذات أهمية، فالتعامل هنا هو لمرة واحدة فقط ومن ثم يختفي البائع والمروج وقد يظهر مرة أخرى في مكان آخر وهكذا.

ما هي السلع الرديئة والمقلدة التي يتكرر تداولها؟
جميع السلع بدون استثناء يمكن أن يطالها التقليد والغش، إلا أن هناك بعض السلع التي عند تعرضها للتقليد والغش قد تؤدي إلى أضرار كثيرة ، اقتصادية واجتماعية وتكون أضرارها أكبر عندما يتمادى المتعاملون فيها بترويجها وبيعها بدون أدنى اهتمام للأضرار التي قد تتسبب بها هذه السلع:
– المواد الغذائية والأدوية التي تتعرض لنهاية الصلاحية هذا إلى جانب انخفاض القيمة الغذائية لهذه المواد خصوصاً عندما يتعمد المنتج إنقاص المكونات الغذائية أو مكونات الدواء في المنتج أو عند إنقاص الوزن وهكذا.
– مواد التجميل وأدوات الزينة، وبما أن هذه المواد قد تحتوي على مواد كيمياوية فإن الإخلال في تركيب المواد قد يؤدي إلى عواقب وخيمة وأمراض مزمنة قد تحتاج إلى تكاليف عالية وزمن طويل للتخلص منها، حيث أن المنتج قد يعمد إلى تغيير تسب المكونات وإدخال مكونات رخيصة في التركيبة النهائية للمنتج.
– قطع غيار السيارات والإطارات وهذه المنتجات قابلة للتقليد والغش بسهولة وفي أغلب الأحيان يصعب أو يستحيل اكتشاف المقلد أو المغشوش مما قد يؤدي إلى نتائج قد تكون كارثية عندما لا تتحمل هذه المنتجات الضغط أو الحمل وتؤدي إلى وقوع الحوادث على الطرق وغيرها.
– ألعاب الأطفال والهدايا، والتي قد تحتوي على بعض المكونات المضرة للأطفال عند إدخالها في الفم أو ابتلاعها، هذا إلى جانب أنها قد لا تعمر طويلاً وكل هذا قد يؤدي إلى بعض الأضرار مثل الإعاقة أو حتى الموت.
– مواد البناء والأدوات الكهربائية بأنواعها ومواد التمديدات الصحية: وهذه تتضمن على سبيل المثال الأسلاك والأفياش والطفايات والمواسير والتي قد تؤدي إلى إشعال الحرائق وغير ذلك من الأضرار التي قد تكون مهلكة وذلك بسبب رداءتها وعدم تحملها للضغط الكهربائي أو مجاري المياه.
– الأقمشة والملبوسات الجاهزة وما شابهها.
– الأثاث والمفروشات والوسائد والمخدات ومراتب النوم وما يتعلق بها.
– المجوهرات والساعات والأدوات الالكترونية والكهربائية والراديو والآلات الحاسبة والأقلام وما يتبعها من إكسسوارات وما شابه ذلك.

وهكذا فإن الأضرار المترتبة على استخدام السلع الرديئة والمغشوشة ينطوي على أضرار مادية تتمثل في دفع سعر عال نسبياً حتى ولو كان منخفضاً أسمياً، مقارنة بما يحصل عليه المستهلك من خدمات من السلعة. وحتى ولو كان المبلغ زهيداً إلا أنه إهدار لهذا المبلغ بدون مقابل بل أنه قد تتولد عنه أضرار مادية أكبر. هذا إلى جانب الأضرار الصحية والنفسية التي قد تتولد عن شراء السلع ومن ثم تؤدي إلى تكاليف مادية أخرى.
ومن الممكن القول أيضاً أن استخدام بعض المنتجات المقلدة والرديئة قد يؤدي إلى نتائج مهلكة أو يصعب تعويضها، هذا إلى جانب أن بعضها قد يتسبب في بعض الأمراض التي قد تكون مزمنة مثل الربو والحساسية وضيق التنفس وغير ذلك من الأمراض التي قد تحتاج إلى معالجة مستمرة واستخدام أدوية مضادة، قد تكون تكاليفها عالية مما يضيف عبئاً كبيراً على ميزانية الأسرة المستقبلية.

بعض الأمثلة عن السلع الرديئة والمغشوشة وطرق ترويجها:
تعطي الأمثلة البسيطة التالية بعض الطرق التي يلجأ إليها المروجون للسلع المقلدة والردئية:
1 – التجارة تحذر من دخول ساعات واكسسوارات تسبب السرطان وإتلاف الجينات. جريدة الوطن الأربعاء 24/2/1425هـ الموافق 14/4/2004م.
2 – عسل الباعة المتجولين ملوث بالعناصر الثقيلة والرصاص. جريدة الرياض الاثنين 29/2/1425هـ الموافق 19/4/2004م.
3 – حليب مغشوش يقتل 60 مولوداً. جريدة الحياة الأحد 28/2/1425هـ الموافق 18/4/2004م.
4 – خبير سعودي: تنوع أساليب الغش التجاري في صناعة الدهانات صعب مهمة التفريق بين المنتجات الأصلية والمغشوشة.  جريدة الشرق الأوسط 26/2/1425هـ الموافق 16/4/2004م.
5 – التسويق المخادع في المنزل، غش وخداع لاصطياد الزبائن داخل منازلهم مكنسة كهربائية تمنع انتقال العدوى وتعمل كمضاد حيوي. مندوب مبيعات أجهزة يعمل مهندساً وطبيباً بشرياً في آن واحد. جريدة الرياض الاثنين 1/2/1425هـ الموافق 22/3/2004م.
6 – أما آن للمرأة أن تعرف أن هناك “خداعاً” و “غشاً” دعايات تجعل من زيوت المحركات زيوتاً تطيل الشعر. دعوة للمرأة للاحتراس من الانجراف وراء الدعايات المبهرجة والعبارات الرنانة. القنوات الصحية فشلت في ضبط محلات العطارة ولا لوم على النساء. جريدة الرياض: الاثنين 15/2/1425هـ الموافق 5/4/2004م.
7 – أمانة الرياض تضبط منزلاً اتخذ معملاً لخلط مستحضرات وتعبئتها بناء على أنها علاجات لبعض الأمراض تديره عمالة وافدة بحي الفاخرية بدون شهادات صحية. جريدة الرياض: الاثنين 15/2/1425هـ الموافق 5/4/2004م.
8 – بلدية الملز تداهم مستودعاً يحتوي على كميات من (التنبل) الممنوع داخل حي سكني بالرياض. جريدة الرياض: الاثنين 22/2/1425هـ الموافق 12/4/2004م.
9 – (أبو ريالين) السلبيات تطغى على الايجابيات. جريدة الرياض: 22/2/1425هـ الموافق 12/4/2004م.

من المستفيد من إغراق الأسواق بالسلع الرديئة والمقلدة والمغشوشة؟
قد لا يكون الجواب على هذا السؤال واضحاً، إلا أنه يمكن الجزم بأن المستورد الذي يقوم باستيراد هذه السلع وهدفه الربح والربح فقط قد يكون هو المستفيد الوحيد، خصوصاً في غياب الأنظمة والقوانين الرادعة لمثل هؤلاء. فهو قد يحصل على فوائد ومنافع كبيرة نسبياً مقارنة بالتكاليف التي يتكبدها أو سيتكبدها في المستقبل. فهو قد يحصل على هذه السلع بأسعار زهيدة أو حتى مجانية ويبيعها بثمن زهيد أيضاً ولكنه يحصل على ربح ولو منخفض مقابل ذلك. ولكن الخاسر الأكبر في النهاية هو الفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني.

لماذا يلجأ بعض الناس إلى شراء هذه السلع؟
في الغالب أنه ليست هناك إجابة مقنعة لهذا السؤال، ولكن في الغالب أنه يمكن إرجاع ذلك لعدة عوامل من أهمها:
– التغير في الذوق والذي يشمل العادات والتقاليد التي صارت تفرض على بعض الأفراد والأسر نوعاً من نمط الحياة مما يتطلب العمل على تلبية بعض الحاجات حتى ولو بسلع مقلدة أو رديئة.
– ارتفاع أسعار السلع ذات الجودة والنوعية سواء كانت الجودة والنوعية مرتفعة أو حتى متدنية.
– انخفاض الدخل، مع انخفاض الدخل يحاول بعض الأفراد والأسر المحافظة على مستوى معين من نمط الحياة حتى ولو كان ذلك عن طريق تعويض ذلك بسلع رديئة أو مقلدة.
– التقليد، ويعتبر ذلك من أهم الوسائل المؤدية إلى شراء واقتناء بعض السلع حتى ولو كانت مقلدة أو رديئة، لأنه في الغالب قد لا يتم اكتشافها بسهولة أو أن تقوم مقام السلع ذات النوعية والجودة العالية.
– الدعاية والإعلان والترويج، في الغالب أن الأفراد والأسر قد لا تكون لديهم الخبرة الكافية للتفريق بين أنواع السلع الجيد منها والمقلد (الرديء) ولهذا فقد ينخدع بعض الناس ويضطر إلى شراء سلع رديئة أو مقلدة، وقد يتعلم بعضهم من هذه الأخطاء ولكن هناك من لا يتعلم وقد يستمر على ذلك.

ما الذي يمكن عمله للحد من ظاهرة السلع المقلدة والرديئة؟
في الواقع أن هناك الكثير الذي يجب عمله على الأقل للحد من هذه الظاهرة. وفي نفس الوقت هناك عدة جهات يجب أن تكثف جهودها وتتكاتف من أجل إعادة المصداقية للسوق وللمتعاملين فيه.
بداية يجب العمل على إيجاد معايير للجودة تتدرج من نوعية وجودة عالية إلى أن تصل إلى الحد الأدنى المقبول من الجودة. وهذا يرتبط بإيجاد أنظمة وتشريعات حازمة وفي نفس الوقت مرنة ويمكن تطبيقها بسهولة على جميع المخالفين.
وهذا أيضاً يستدعي أن تكون هناك ضمن هذه الأنظمة والتشريعات روادع للمخالفين تكون نتيجتها أن يتحمل المخالف خسائر أكبر مما ربحه من خلال الصفقات والفوائد التي تم الحصول عليها من ترويج وبيع السلع المقلدة والرديئة.
ويمكن أن تتدرج هذه الروادع حيث تبدأ بغرامات مالية عالية، وتشهير ومن ثم إلى السجن والمنع من مزاولة التجارة والعمل ببعض المهن التي لها علاقة بالجمهور.

وأخيراً قد يكون لوزارة التجارة والصناعة دور في هذا الموضوع إلا أن تأسيس هيئة وطنية مستقلة لا تهدف إلى الربح قد يكون هو الحل الأمثل لإضفاء المصداقية على عمل هذه الهيئة التي تعني بحماية المستهلك.

المصدر : الغرفة التجارية بالرياض

6أبريل

أسواقنا لازالت ( مكباً ) للصناعات الاسيويه

بدا واضحاً الازدياد المستمر والمكثف للسلع الرديئة والمقلدة والمغشوشة في الأسواق السعودية، حتى غدت أسواقنا بمثابة (مكب) للنفايات، للسلع الآسيوية وخاصة الصينية التي لا تحمل أي مؤشر للجودة، وكثيراً من الدراسات الخاصة بالغش التجاري لم تحدد السبب الأكثر تأثيراً في استمرار نزيفها إلى أسواقنا، فالبعض أرجعها إلى الضعف الرقابي من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة (الجمارك ــ التجارة)، أما الفريق الآخر فأكد أنَّ ضعف العقوبات على ممارسي الغش التجاري هو السبب في ظل وجود ضعاف النفوس من التجار السعوديين (أفراداً ومؤسسات) الذين يستوردون سلعاَ متدنية من مصانع وضعت كافة إمكاناتها تحت تصرف أموالهم .
بينما اتهم فريق ثالث المنطقة الحرة بجبل علي بدولة الإمارت، وأنَّ 80 % من هذه السلع المقلدة والمغشوشة التي أغرقت الأسواق السعودية ناتجة ممَّا تصدره المناطق الحرة في جبل علي، والتي لاتطبق كما يجب اتفاقية الاتحاد الجمركي الخليجي، وخاصة فيما يخص قيام أول منفذ جمركي خليجي بإجراءات هذه الاتفاقية وأهمها نقطة (الدخول الواحدة) لتلك السلع الرديئة التي تصل من دول آسيا في وقت تواجه فيه الجمارك السعودية ضغطاً هائلاً في حجم الواردات أكبر من أي منفذ جمركي عربي آخر، وخاصة عبر منفذ جمرك البطحاء الحدودي المحاذي لدولة الإمارات الذي يقدِّر عدد الشاحنات الواردة إليه يومياً بألفين شاحنة على أقل تقدير.
إنَّ على الجمارك السعودية التطرق، وبشفافية مع الأشقاء في دول المجلس، وخاصة في دولة الإمارات لمناقشة مدى اتفاقية الاتحاد الجمركي الخليجي للحيلولة من إيقاف، أو تقليل ما تصدره المنطقة الحرة إلى أسواقنا.
وإلا فما الفائدة من هذه الاتفاقية؟

http://www.alsharq.net.sa/2012/06/01/317941

© جميع الحقوق محفوظة 2016