الوسم : الالعاب

23أبريل

أطفال السرطان والألعاب المقلدة

جاءتني رسالة من إحدى الأمهات تقول فيها: «في كل مناسبة أو بغير مناسبة يقدم لطفلي أثناء تلقيه العلاج الكيماوي لعبة رديئة الصنع، فأقوم بنزعها منه بعد صياح ونياح خوفا عليه من مشاكلها، خصوصا أنني سمعت أنه يدخل في صنع الألعاب المقلدة مواد مسرطنة» .

لا أدري هل هذه الألعاب وردت من متبرعين كما هي، أم أنها في الأصل أموال تقدم لجهة خاصة تشرف على أطفال السرطان في مركز الأورام للأطفال في الرياض الذي يعد من أهم مراكز الأورام في المملكة.

أعتقد أن زيارة واحدة تكفي للحكم على مدى جودة الجانب الترفيهي في المركز، بغض النظر عن جودة العلاج الذي لانستطيع أن نجادل فيه خاصة أنه أصبح ينافس المراكز العالمية في علاج سرطان الأطفال، لذلك سأسلط عليه الضوء دونا عن غيره .

لكن سأضطر أن أتكلم عن النقص في الجانب الترفيهي لأهميته للأطفال خاصة (أطفال السرطان) فكلنا يعلم أن الحالة النفسية من أهم مقومات علاج السرطان، فكيف إذا كان طفلا يشعر أنه مختلف عن باقي الأطفال. تدخل إلى جسمه سوائل كيماوية حارقة لاتحتمل.

في البدء أنصح القارئ الذي قرر أن يقضي إجازته في الرياض أن يجعل هذا المركز إحدى وجهاته، وستشكروني حتما على هذا البرنامج المميز في رحلتكم القادمة خاصة أنني أقرأ دائما عن حيرتكم عن أي الأماكن التي تستحق الزيارة في الرياض!

ستفاجأ أيضا أن هذا المركز يحتل موقعا استراتيجيا في قربه من المطار، ومن جامعة الأميرة نورة، وجامعة الإمام .

تذكرت أحد المواقف الطريفة والمحزنة في الوقت نفسه لأب مبتلى بأحد أطفاله عندما ذهب إلى طبيب (فهمان، والفهمانين قليل) فاستطاع بخبرته وذكائه أن يكتشف إصابة طفل هذا الأب بالسرطان، وإن كان اكتشافه متأخرا، ثم طلب منه أن يتوجه إلى مبنى خلف جامعة الأميرة نورة، دون أن يصرح باسم المركز الذي يعد بمثابة الموت المحتوم القاسي، بل هو أشد ألما من الموت المفاجئ، حتى وإن حاول الكثيرون إيهام آباء هؤلاء الأطفال بأن السرطان أصبح مثل الزكام .

هذا الأب المسكين ( افتر ) جميع المباني الحكومية بحثا عن هذا المبنى مجهول الهوية لتكون الصدمة أنه ليس إلا مركز الأورام.

المهم أنك عندما تدخل هذا المركز الجميل سينتظرك الحارس ليمنعك من الدخول إذا كان (مصحصح) لكن سيسعفك الحظ إذا كان أحد أطفالك (حالق على الصفر)، وستكون الحديقة أول مايواجهك، لكن للأسف لايوجد فيها أي وسيلة ترفيهية، ثم تدخل المركز ليقابلك الأطفال وكأنهم من كوكب آخر ( كمامات للوجه وبرنيطات للرأس) .

كيف يتحمل هؤلاء الصغار هذه الكمامات التي لم أستطع تحملها ساعات في الحج؟.

لماذا لايقدم لهؤلاء الأطفال الكمامات المتقدمة التي كنا نسمع عنها، وهي تركز فقط على تغطية فتحتي الأنف وتنقية الهواء الداخل إليهما، دون شطب وجوههم البريئة؟!

السؤال الآخر الذي يفرضه واقع التعامل الإنساني والاهتمام بالطفولة فما بالك بهذه الفئة الغالية التي يتفطر القلب لآلامها مع هذا القاتل الخبيث..

لماذا لايقدم لهؤلاء الأطفال شعرا مستعارا يخفف من معاناتهم مع نظرات العطف المزرية من الآخرين بدلا من الألعاب الصينية المقلدة؟.

بعد الاستقبال المؤلم توجه إلى غرفتي الألعاب التي يوازي حجم إحداها غرفة خادمة والأخرى مستودع المطبخ، وراقب الفئات العمرية المتفاوتة كيف تلعب في مكان واحد.

وقبل خروجك من غرفة الألعاب اطلب مجلة أطفال السرطان، وستتفاجأ أن هيئة التحرير اختصرت في شخصية واحدة، لذلك فهو جهد فردي لايمكن أن نحكم عليه.

ما سبق لايعني أننا نجحد جهود المسؤولين في رعاية هؤلاء الأطفال، خاصة مع ازدياد نسبة الأطفال المصابين بالسرطان، وسيخصص لذلك موضوع مستقل لأهميته. فالسرطان هو مأساة لجميع المحيطين للطفل المريض، فهذا أحد المصابين بالإيدز ــ كما قرأت ــ يقول «عندما علمت بإصابة طفلي بالسرطان توقفت الحياة، وليس عندما علمت بإصابتي بالإيدز».

هذا الجانب الترفيهي من أهم الجوانب المكملة لعلاج سرطان الأطفال،فلابد أن نتبرع بما هو مناسب لاحتياجاتهم، ولاننسى أشقاءهم الأطفال الذين يقاسمونهم هذه الآلام النفسية.

أتمنى أيضا أن تخصص كل مستشفيات المحافظات الأخرى قسما ترفيهيا للأطفال التي لا أستطيع وصف خدماتها الترفيهية لخلوها منه، ولافتقادها أيضا مقومات العلاج نفسه، فقسم الأطفال لايختلف عن الأقسام الأخرى، بل يتراجع خطوات كبيرة إلى الوراء حتى أطلق على مستشفيات تبوك ــ على سبيل المثال ــ: الداخل مفقود والخارج مولود.

نورة المري

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20130505/Con20130505596466.htm

© جميع الحقوق محفوظة 2016