15أبريل

مواجهة الغلاء .. بـ «الجمعيات التعاونية»

أنمار حامد مطاوع

كلما جاءت زيادة رواتب أو بدلات إضافية للموظفين، بدأ التجار في تفصيل حساباتهم لامتصاص تلك الزيادة عبر رفع قيمة السلع الاستهلاكية الأساسية. فكلما زاد الراتب زادت فرصة التلاعب بالأسعار.. فالتجار هم المستفيد أولا وأخيرا.. بالذات، وقد تأكدنا من أن (جمعية حماية المستهلك) ووزارة التجارة بأكملها.. لا تستطيع أن تواجه هذه الظاهرة، ولا تعبر عنها سوى ببيانات هزيلة تميل إلى تبرير زيادة الأسعار المبالغ فيها، مع مواساة المواطن بترديد نفس الأسباب المصطنعة التي يرددها التجار.

عندما ارتفع سعر (الأرز)، وتحجج التجار بأن الزيادة عالمية، كان مؤشر (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة) يشير إلى بداية هبوط سعره عالميا ــ وهو يهبط شهريا خلال الثلاثة أشهر الماضية على التوالي ــ علما أن هذا الهبوط يشمل كافة أنواع الغذاء؛ حسب مؤشر المنظمة. في المقابل، محليا لم نلحظ أي هبوط، بل لو زادت الرواتب سيرفع التجار أسعارهم ــ أمام ضعف وزارة التجارة ــ ويتحججون بـ«الأسعار العالمية».

أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت منذ عام 2000م بشكل عام: سعر منتجات الألبان والسكر واللحوم زاد أكثر من ضعفين.. أسعار الحبوب والزيوت والدهون تضاعفت لما يقارب الثلاثة أضعاف.

هذه المعضلة لن تحلها لا الدعوات، ولا المواعظ، ولا الأنظمة والقوانين.. فهي لم تحل بأي من تلك الطرق في أي مكان في العالم، ولكنها تحتاج إلى حلول عملية قابلة للتطبيق.

قبل التحدث عن المطلوب، تجدر الإشارة إلى أن المملكة عضو في (الاتحاد التعاوني العربي) المنبثق عن (مجلس الوحدة الاقتصادية العربية) بجامعة الدول العربية.

المطلوب ــ الآن ــ هو أن يتم البدء في تأسيس (جمعيات تعاونية) على نفقة الدولة ــ بداية حتى تعتمد على نفسها ــ تبيع السلع الاستهلاكية والسلع المدعمة وفقا للأسعار التي تحددها الدولة، وتكون تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع وزارتي: التجارة والمالية.

هذه الخطوة لها الكثير من الجوانب الإيجابية، أهمها: 1 ــ أنها تقف في وجه ارتفاع الأسعار العبثي والعشوائي للسلع الاستهلاكية، 2 ــ تجعل الأسعار المحلية متماشية مع الأسعار العالمية بشكل حقيقي، 3 ــ تساهم في ثبات أسعار السلع لأطول فترة ممكنة. كما أنها ستدعم بشكل كبير الصناعات الوطنية، والتجارة الداخلية والخارجية، وتقاوم غلو الأسعار الناتج عن الاحتكار.

رجاء نرفعه إلى أصحاب القرار أن يتم البدء في إنشاء (جمعيات تعاونية) توفر السلع الاستهلاكية للمواطنين في كافة المدن والقرى والأحياء بأسعارها الحقيقية العالمية، حيث أن التضخم المصطنع لن يواجهه سوى هذه الجمعيات التي تجبر التجار على تخفيض ربحهم غير المنطقي ليصل إلى زيادة طفيفة فقط على السعر الأصلي ــ دون حد الغلو والمبالغة ــ عندها لن يحتاج الموظف لزيادة الراتب ولا لبدل غلاء، والفائدة ستعم كافة شرائح المجتمع.

يقال إن (الجمعيات التعاونية) هي حجر الأساس في سياسة الأمن الغذائي، وهذا كلام حكيم، وقد أخذت به دول الجوار، فـ(الجمعيات التعاونية) مطبقة في دول خليجية: الإمارات، قطر، الكويت، البحرين، وقد أثبتت نجاحها وحققت أهدافها على أكمل وجه، خصوصا في الكويت الشقيق، ومن الممكن أن نستضيء بتلك التجارب.

الحل يكمن في: (الجمعيات التعاونية).

 

شارك التدوينة !

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

© جميع الحقوق محفوظة 2016
%d مدونون معجبون بهذه: