الوسم : رمضان

15أبريل

إسراف… ومقاطعة

عبد العزيز السويد

العين تأكل أيضاً… تجوع وتشبع، يمكن القول إن العين تأكل قبل الفم أحياناً، لذلك تحسّ بالتخمة عندما تقع عيناك على موائد طعام زائدة عن الحد المعقول،

والأخير يقع في دائرة النسبية، لكل فرد درجة «المعقولية» الخاصة به. لا أنسى قصة يرددها صديقي «أبو محمد»، إذ تجمعه علاقة تجارية برجل أعمال يسكن مدينة أخرى سافر إليها أبو محمد مع قريب له، وعلم رجل الأعمال فدعاهما إلى الغداء، حضر الضيفان ليجدا الداعي وأبناءه الثلاثة في الانتظار، وبعد «القهاوي» قدمت السفرة صحن رز ودجاجة واحدة، الطريف أن رجل الأعمال يمتلك مشروعاً للدجاج اللاحم! قلت يظهر أنه «يقدر الدجاج». كسر الداعي العرف الاجتماعي مرتين، تقديم «رأس» واحد… ومن الدجاج أيضاً…! لجمع من الرجال. ولن يخفف من هذا «الشرط» الاجتماعي وجود صحون أخرى من السلطات والإدامات، فإذا أقبل الناس على وجبة يرونها قليلة في الكم يصاب الواحد منهم بانسداد النفس «الأكولة»، ويظهر لي أن الجوع – هنا – أقرب إلى جوع عيون منه إلى جوع بطون، مع مسألة فيها نظر، إذ يراها البعض من عدم التقدير الشخصي. الأخير ارتبط برؤوس الخرفان وأحياناً عند وجبة العشاء بالتيوس، والحمد لله أنه لم يرتبط بالبعارين وإلا لانقرضت المزاين. ومجتمعنا مفتون باللحم، خصوصاً الأحمر منه، أما الدجاج فيكون غالباً «وجبة غير رسمية»، في تقديمه شيء من «الميانة». هذا هو الواقع، وبين الشح والإسراف مسافات، كما بين الشح والترشيد مسافات، لكن الأول لا يظهر في إعلام الإنترنت مثلما تظهر صور موائد فيها مبالغات لا يمكن تبريرها، بل هي تدفع الى الخوف والحذر من سخط المنعم عز وجل. قارن متصفحو إنترنت بين «عزومة» عربية و «عزومة» أوباما مع ضيفه رئيس الوزراء الروسي في مطعم للوجبات السريعة، وفي المقارنة رأي واضح ضد الإسراف.

ونحن مقبلون على شهر كريم، شهر رمضان المبارك، بدأت الأسواق في طرح المعروضات، مع ارتفاع أسعار وازدياد عدد الفقراء، كلما ارتفعت الأسعار مع ثبات الدخل يعني هذا زيادة في عدد المحتاجين، حتى لو قال وزير الشؤون الاجتماعية «لم نفشل في مواجهة الفقر»! فهو لم يحدد الزمن اللازم لإعلان – عدم الفشل – بالأرقام المحايدة، لكنه كلام مرسل، وليس على الكلام جمرك، وإلا أين النجاح في مواجهة الفقر؟ أرجو ألا يقال في برنامج الامتياز التجاري!؟

إذا تضافرت الجهود وتوحّدت الرؤية والسلوك الاستهلاكي يمكن أن نخفف على الفقراء، بعدم الإسراف. لندع الأكياس الكبيرة والكراتين في مخازنها ونأخذ قدر الحاجة، من هنا أشيد بدعوة منتدى «مقاطعة»

http://www.mqataa.com/vb/showthread.php?t=26959

لحملة ضد الإسراف، للعام الثالث، وفيه نصائح مهمة للمستهلكين، والأمل أن يتطور الوعي الاستهلاكي إلى الأفضل فلا نقع ضحية لتسونامي الإعلانات و«أساطير» التخفيضات.

6أبريل

تسوق نهار رمضان هو الأخطر

يبدو لي أن التسوق خلال نهار رمضان وطوال أيام الشهر الكريم ، هو اشد إسرافا وتكلفة من التسوق قبيل دخول هذا الشهر . فالصائم عندما يتجول بين رفوف السوبر ماركت أو الأسواق الكبرى وهو في حالة عطش أو جوع ، سوف يكون قرار الشراء ليس عقلة فقط ، بل ستشارك نفسيته (بسبب الجوع أو العطش) في قرار الشراء .
وهي حالة نفسية معروفة نمر بها جميعا ، حيث يتوهم المستهلك بأنه سيشرب أو سيأكل كل ما قام بشرائه ، بينما الواقع عكس ذلك تماما . ولو افترضنا أن المستهلك زار تلك الأسواق عشرة أيام في شهر رمضان ، فلك أن تتخيل حجم المشتريات وكميتها .
إن الكثير من إدارات وجمعيات حماية المستهلك العربية تنصح بعدم التسوق في نهار رمضان ، وبعدم الذهاب إلى التسوق والتبضع في وقت الصيام، بل أوصت المستهلكين بجعل وقت التسوق مساءً بعد الإفطار وبوضع موازنة تتناسب مع الدخل وغير المبالغ فيها من أجل تلبية الاحتياجات بصورة ملائمة، ووضع خطة للشراء بدلاً من شراء كميات كبيرة تزيد عن احتياجات الأسرة والتعرف على قائمة السلع الضرورية وترتيب الأولويات حسب الحاجة. إضافةً إلى البحث عما يتناسب من حيث الجودة والسعر إذ يمكن الاستغناء عن منتج معين والاستعاضة عنه بمنتج آخر يفي بالغرض (من خلال البدائل) ، باعتبار أن تنوع السلع المعروضة بالأسواق يوفر حق الاختيار.
وأضافت هذه الجمعيات أنه يجب أن يحذر المستهلك من الانجراف تجاه السلع والمنتجات المعلن عنها دون وعي أو تفكير والدراسة والتأكد من سلامتها وصحة البيانات من خلال قراءة بطاقة البيانات، والتأكد من حفظ المواد الغذائية بالطرق الصحيحة لكل منها تفادياً لفسادها وبالتالي الإضرار بالصحة وتواريخ الإنتاج والانتهاء للمواد الغذائية حفاظاً على السلامة. كما لفتت إدارات حماية المستهلك إلى أفضلية انتقاء الخضراوات والفواكه الطازجة والابتعاد عن تلك المعدة في معلبات أو غير الناضجة.
وأشارت بعض الدراسات في مجال حماية المستهلك إلى أن الكثيرين يعتقدون أن الاستعداد لشهر رمضان يكون بشراء كميات كبيرة من الأغذية وبصورة شرهة، إذ أوضحت الدراسات أن هناك علاقة طردية بين شهر رمضان المبارك والاستهلاك المسرف، فالجميع يسعى في سبيل الاستهلاك والاستعداد له مستسلمين لوسائل الدعاية والإعلان التي تنشط بشكل غير طبيعي في هذا الشهر وعبر كل وسيلة إعلامية ممكنة.
أما البعض الآخر فيرهق نفسه برصد موازنة مرتفعة للإنفاق الاستهلاكي، فيكون النهار صوماً وكسلا والليل طعاماً واستهلاكا غير عادي ، وبإمكان أي شخص أن يقيس حجم وزنه في أول يوم من رمضان ، ويقارنه بوزنه في يوم العيد ، وسيتأكد من أن وزنه قد ازداد بلا شك.

http://www.alriyadh.com/280679

6أبريل

التلوث الاستهلاكي الرمضاني

فجأة ومن غير مقدمات تحول كل شيء، وأصبح حديث الناس لا يستساغ إلا عندما تفوح منه رائحة الثوم والبهارات.
تحولت الإعلانات التجارية في الصحف والمجلات وحتى في التلفزيون وربما جميع وسائل الإعلام إلى إعلانات عن أجود أنواع الطعام وكل ما لذ وطاب من الغذاء، وكأن الناس سيتحولون إلى أفواه ليس لها هم إلا التهام الطعام التهاماً، أو كأن البشر مقبلون على سبع سنوات عجاف.
وفجأة ومن غير مقدمات أيضاً إلا بتأثير من وسائل الإعلام المختلفة، هرع الناس وركضوا إلى الأسواق ركضاً، ذهبوا خفافاً ورجعوا ثقالاً محملين بكل ما وجدوه في سوق الاستهلاك المحلي، كل ما وجدوه في سوق الاستهلاك المحلي، كل ما يمت إلى شهر رمضان بصلة من قريب أو بعيد، وحتى في كثير من الأحيان حملوا معهم أغذية ليست ذات علاقة برمضان، ولا حتى بالعيد ولا الشهور التي تلي هذه الأشهر أو تسبقها، المهم أنهم حولوا البيوت إلى مخازن للأغذية، التي قد تنفد خلال الشهر الكريم!!
ومن جانب آخر أصبح هم الجهات المسئولة عن قطاع الغذاء أن توفر كل ما يمكن توفيره من أنواع مختلفة من الغذاء خلال شهر رمضان، فالبيض متوافر خلال الشهر، وكذلك اللحوم الحمراء والبيضاء وكل شيء، وما على المواطن إلا أن يصوم ولا يفكر إلا في بطنه، ولكن – وللأسف – تحولت هذه التصريحات إلى هاجس أخاف المواطنين من مغبة نفاد كميات الأغذية المطروحة في السوق، فتسابقوا إلى الأطعمة واستنفروا كافة طاقاتهم ليستحوذوا على كل ما تقع عليه الأيدي.
وهكذا نحن في كل سنة، نكدس الأغذية بمختلف أنواعها، نحول منازلنا إلى مستودعات ومخازن فتصبح مرتعاً – شئنا ذلك أم أبينا – للفئران والحشرات الضارة، ثم نشتكي من هذه الكائنات الضارة، وعندما ينتهي رمضان تنتهي أهمية الكثير من الأطعمة التي أنفقنا عليها مئات الريالات، فتصبح قمامة همنا أن نتخلص منها بشتى الطرق.
ليس ذلك فحسب، وإنما نحن كعرب متهمون جميعاً بأننا نستهلك من الغذاء أكثر مما ننتج، فنسبة الاستهلاك في الوطن العربي تزيد بمعدل 6% سنوياً، بينما لا تزيد نسبة الإنتاج سوى بنسبة 2.5%، وهذا العجز الواقع بين معدل الإنتاج والاستهلاك يتم سده باستيراد المواد الغذائية المطلوبة من بعض الدول التي تتلاعب في الأسعار بين الفينة والأخرى، فتجد دولنا نفسها مدفوعة على الرغم من إرادتها إلى دفع قيمة فاتورة مستورداتها من السلع والمنتجات الغذائية من المدخرات النفطية وبالعملة الصعبة.
أيها السادة: ما هكذا تورد الإبل، فليس الإسراف من سمات رمضان، ولا رجالات رمضان، فالأجداد لم يعرفوا هذا التلوث الاستهلاكي، بل ولم يقروه أبداً والتاريخ يشهد على ذلك، ورمضان لم يخلق لتناول الطعام، إن هو إلا شهر من شهور الله.
فيا أيها السادة اتقوا الله في هذا الشهر وكفوا عن هذا التلوث الاستهلاكي الذي لا يضر إلا صاحبه، ولا تنسوا قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}. فلنكن صادقين مع أنفسنا ولنحاول أن نغير من هذا السلوك الاستهلاكي ولنقنن عملية شراء الأغذية ولو بالتدرج.
نتمنى أن نتخلى عن هذا السلوك الاستهلاكي المقيت، عندئذ نكون قد تخلصنا من أحد أنواع التلوث الذي نعاني منه.
© جميع الحقوق محفوظة 2016