يبدو لي أن التسوق خلال نهار رمضان وطوال أيام الشهر الكريم ، هو اشد إسرافا وتكلفة من التسوق قبيل دخول هذا الشهر . فالصائم عندما يتجول بين رفوف السوبر ماركت أو الأسواق الكبرى وهو في حالة عطش أو جوع ، سوف يكون قرار الشراء ليس عقلة فقط ، بل ستشارك نفسيته (بسبب الجوع أو العطش) في قرار الشراء .
وهي حالة نفسية معروفة نمر بها جميعا ، حيث يتوهم المستهلك بأنه سيشرب أو سيأكل كل ما قام بشرائه ، بينما الواقع عكس ذلك تماما . ولو افترضنا أن المستهلك زار تلك الأسواق عشرة أيام في شهر رمضان ، فلك أن تتخيل حجم المشتريات وكميتها .
إن الكثير من إدارات وجمعيات حماية المستهلك العربية تنصح بعدم التسوق في نهار رمضان ، وبعدم الذهاب إلى التسوق والتبضع في وقت الصيام، بل أوصت المستهلكين بجعل وقت التسوق مساءً بعد الإفطار وبوضع موازنة تتناسب مع الدخل وغير المبالغ فيها من أجل تلبية الاحتياجات بصورة ملائمة، ووضع خطة للشراء بدلاً من شراء كميات كبيرة تزيد عن احتياجات الأسرة والتعرف على قائمة السلع الضرورية وترتيب الأولويات حسب الحاجة. إضافةً إلى البحث عما يتناسب من حيث الجودة والسعر إذ يمكن الاستغناء عن منتج معين والاستعاضة عنه بمنتج آخر يفي بالغرض (من خلال البدائل) ، باعتبار أن تنوع السلع المعروضة بالأسواق يوفر حق الاختيار.
وأضافت هذه الجمعيات أنه يجب أن يحذر المستهلك من الانجراف تجاه السلع والمنتجات المعلن عنها دون وعي أو تفكير والدراسة والتأكد من سلامتها وصحة البيانات من خلال قراءة بطاقة البيانات، والتأكد من حفظ المواد الغذائية بالطرق الصحيحة لكل منها تفادياً لفسادها وبالتالي الإضرار بالصحة وتواريخ الإنتاج والانتهاء للمواد الغذائية حفاظاً على السلامة. كما لفتت إدارات حماية المستهلك إلى أفضلية انتقاء الخضراوات والفواكه الطازجة والابتعاد عن تلك المعدة في معلبات أو غير الناضجة.
وأشارت بعض الدراسات في مجال حماية المستهلك إلى أن الكثيرين يعتقدون أن الاستعداد لشهر رمضان يكون بشراء كميات كبيرة من الأغذية وبصورة شرهة، إذ أوضحت الدراسات أن هناك علاقة طردية بين شهر رمضان المبارك والاستهلاك المسرف، فالجميع يسعى في سبيل الاستهلاك والاستعداد له مستسلمين لوسائل الدعاية والإعلان التي تنشط بشكل غير طبيعي في هذا الشهر وعبر كل وسيلة إعلامية ممكنة.
أما البعض الآخر فيرهق نفسه برصد موازنة مرتفعة للإنفاق الاستهلاكي، فيكون النهار صوماً وكسلا والليل طعاماً واستهلاكا غير عادي ، وبإمكان أي شخص أن يقيس حجم وزنه في أول يوم من رمضان ، ويقارنه بوزنه في يوم العيد ، وسيتأكد من أن وزنه قد ازداد بلا شك.