مقدمة إلى الندوة السنوية السادسة للتوعية الصحية
مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون 7 ــ 8 / 4 / 2009 م
عبد العزيز الخضيري
الحقوق الأساسية للمستهلك:
مع مرور الزمن في ظل هذه المتغيرات برزت مشكلات جديدة وكبيرة للمستهلك. مما جعل المجتمعات البشرية تنظر باهتمام إلى حماية المستهلك من الإفرازات المتتالية من هذه المتغيرات ، مع أن التاريخ يؤكد أن عددا من الأديان السماوية سبقت الجميع عندما سنت عددا التشريعات والقوانين الوضعية لتفعيل هذه الحماية ، كما اهتم الدين الإسلامي بالمستهلك و دعا إلى حمايته منذ أكثر من أربعة عشر قرناًً واعتبره واجبا دينيا حيث حدد أصول التعامل وضوابط البيع والشراء وحرم الغش والتدليس والخداع وتجنب الإفراط في الاستهلاك ونهى عن التبذير .
وإذا أردنا أن نورخ لحركة حماية المستهلك في العصر الحديث ، ، بعد ذلك تطورت فكرة حماية المستهلك بإضافة أربعة حقوق أخرى من قبل المنظمة الدولية للمستهلكـين والتي أطلق عليها فيما بعد ( حقوق المستهلك الثمانية ) ، واعتبرت هذه الخطوة الحجر الأساس في تأسيس هذه المنظمة. والتي يبلغ عدد البلدان المتعاملة معها ما يفوق 170 بلداً حيث أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 248/39 في نيسان 1985 المبادئ الإرشادية لحماية المستهلك والتي تشمل ثمانية حقوق للمستهلكين كانت قد تبنتها رسميا في عام 1984 المنظمة الدولية للمستهلكين وتجاوبت معها أغلب دول العالم كسياسة حكومية . ، و من هنا بدأت الدول تطبيق أجزاء من مفهوم وأهداف هذه الحركة وتعمل على تطبيقها شيئاً فشيئاً.
أما الحقوق الأربعة الأخرى التي أضيفت إلى إعلان كنيدي من قبل المنظمة الدولية للمستهلكين فكانت:
- حق المشاركة والتمثيل: وهو فسح المجال للمستهلكين لسماع أرائهم ومنحهم الفرصة للمشاركة في وضع السياسات التي تهمهم وإلغاء ما يسبب الضرر.
- الحق في التعويض والإنصاف:حيث يحق للمستهلك المطالبة بالتعويض عن الأذى والتضليل عن استهلاك سلع رديئة أو خدمات غير مرضية من خلال تسوية عادلة لمطالبه المشروعة.
- حق التثقيف: والمقصود به الحق لكل مستهلك أن يحصل على الثقافة المتعلقة بحمايته والتشريعات والحقوق والمسؤوليات الواقعة عليه وكيفية التصرف حيالها.
- الحق في بيئة صحية: وأن يعيش ويعمل في بيئة خالية من المخاطر والأمراض حالياً ومستقـبلاً .
وعندما اهتمت منظمة المستهلكين الدولية بالحق الأخير ( الحق في بيئة صحية ) وهو ما يهمنا في هذه الندوة ، فإنها استشعرت الإخطار الصحية المحدقة بالمستهلك من جراء عدم توفر الاشتراطات الصحية ليس في نوعية الغذاء فحسب وإنما في نقلة وتخزينه وتداوله والعوامل المحيطة به التي ربما تجعله سما قاتلا بدلا من كونه غذاء صحيا .، ولذلك فإن المنظمة أكدت على الحكومات توفير هذه البيئة الآمنة للمستهلك وضمان واستمرارية العيش في بيئة صحية كحق هام من حقوقه الأساسية .
ومن هنا فإن الجهات الحكومية ذات العلاقة بصحة وسلامة المستهلك عندما تريد تخفيف الأعباء من على عاتقها ومن اجل أن تخلق ثقافة ووعيا صحيا في مجتمعها ، فلابد أن تجعل التوعية الصحية في قائمة أولوياتها والتي تحقق لها الوقاية بالدرجة الأولى ومن ثم تقليل التكاليف والأعباء على هذه الجهات المسئولة من مضاعفات غياب الوعي .
أهمية توعية المستهلك :
تأتي أهمية توعية وإرشاد المستهلك كونها ضمن أهم المبادئ التوجيهية لحماية المستهلك الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والمتمثلة في (الحق الثالث: الحق في الحصول على المعلومات وتعني أن المستهلك يحق له الحصول على المعلومات التي يحتاجها لتحديد اختياره وان يكون محمياً من التدليس والغش والدعاية المضللة و الحق السابع : حق التثقيف والمقصود به الحق لكل مستهلك أن يحصل على الثقافة المتعلقة بحمايته والتشريعات والحقوق والمسؤوليات الواقعة عليه وكيفية التصرف حيالها). وذلك بهدف تمكينه من التصرف كمستهلك قادر على اختيار السلع والخدمات اختيار واعياً والتعامل معها من منطلق علمي ، فضلاً على تعريفه بالتشريعات والقوانين التي تضمن له حقوق و دورة في المحافظة عليها .
إن خلق مجتمعا واعيا هو هدف كل دولة و يتمثل ذلك في سن القوانين والتشريعات والأنظمة اللازمة لحماية المستهلك وهنا يجب أن نؤكد على أن هذه الحماية لا تعفي المستهلك ذاته من مسؤولية المشاركة في هذه الحماية (الحماية الذاتية) وذلك يرجع إلى عدد المستهلكين وصلتهم المباشرة بحاجاتهم، كما أن المستهلكين هم الأقرب من أي حركة في السوق.
إن أقصر الطرق لحماية المستهلك هي (وعي المستهلك) نفسه فالمستهلك الواعي سيكون هو الرقيب على السلع الرديئة لذلك فإن المستورد أو التاجر لن يجد من يشتري سلعته الرديئة ذات الجودة المنخفضة وسيكون أمام خيارين أما أن يخرج من السوق وأما أن يضطر إلى بيع أو استيراد السلع الجيدة لذلك يجب على الجهات المعنية بحماية المستهلك أن تعمل جاهدة على تثقيفهم وزيادة وعيهم عن طريق تزويدهم بالمعلومات الدقيقة والكافية وبما يساهم في اتخاذ القرار الشرائي السليم .
التوعية الصحية (الغذائية):
إن التوعية الصحية تعتبر ركن أساسي من أركان توعية المستهلك وجزءً لا يتجزأ من الوعي العام أو الثقافة العامة لأفراد المجتمع ، بل أننا نجد أن أكثر من ثلث المواصفات القياسية في كل دول العالم مرتبط بالغذاء فقط والكثير من الدول خصصت وزارات وهيئات متخصصة بالغذاء وسلامته كما هو الحال في إنشاء الهيئة العامة للغذاء والدواء في السعودية ، ومن هنا تنبع أهمية التوعية الصحية المرتبطة ارتباطا مباشرا بالغذاء .، وعملية التوعية الصحية على غرار كافة أنواع التوعية الجماعية كالتوعية البيئية عبارة عن عملية سلوكية مستمرة الغرض منها تزويد أفراد المجتمع بالمعلومات والمعارف الصحية (الغذائية) و إكسابهم الخبرات والمهارات والاتجاهات المفيدة التي تؤهلهم إلى ترجمة تلك المعلومات والمعارف والمهارات إلى سلوكيات وممارسات صحية سليمة وذلك بهدف:
- حث أفراد المجتمع وتحفيزهم وتوجيههم للعمل وتعريفهم بالفوائد (صحياً واقتصاديا) والالتزام بالممارسات الصحية السليمة.
- نشر المعرفة والأفكار والمعلومات لتنمية خبرات ومهارات المجتمع لتحقيق درجة عالية من الاعتماد على النفس في معرفة وتحديد المشاكل المرتبطة بالممارسات الصحية .
- تغيير وتعديل بعض أنماط السلوك والمفاهيم غير المرغوبة وإبدالها بأنماط سلوكية ايجابيه ز
- توضيح الدور الذي تقوم به الجهات التشريعية والتنفيذية والرقابية والخدمات التي تقدمها وتشجيع المجتمع للاستفادة منها.
- الاستفادة من نتائج البحوث والدراسات المتعلقة بالممارسات الصحية وسلامة الأغذية ونقلها للمجتمع والمستهلكين. ذ
كيف يمكن توعية المستهلك :
انتشرت شركات ومراكز الحمية والعيادات الغذائية ومحاربة السمنة وفي المقابل انتشرت الأندية الرياضية الداخلية في بعض مدن المملكة ، فالهدف تجاري بحت من خلال ضحية يطلق عليه ( المستهلك ) ، ولكن نسينا أو تناسينا تغيير السلوك من ذات المستهلك .
إن عملية نشر التوعية وتوصيل المعلومات وتحفيز الأفراد وتغيير اتجاهاتهم أو إقناعهم تبدأ بالتخطيط السليم وذلك لضمان نجاح هذه البرامج، والتخطيط لهذه الحملات يجب أن يستند إلى رؤية واقعية للمشاكل والممارسات الفعلية بين المستهلكين . وبناءً على ذلك فإن الوسائل المستخدمة يجب أن تكون قريبة من ثقافة المجتمع المحلية وأن لا تفرض عليهم من خارج ثقافتهم ويمكن في بعض الحالات إشراك المستهلك في اختيار الوسيلة المناسبة وبذلك نضمن مشاركة وتفاعل المجتمع مع البرامج التثقيفية.
التخطيط للتوعية الصحية ( الغذائية ) بإتباع المنهج العلمي :
إن عملية التخطيط للتوعية الصحية والتثقيف يجب أن تستند على المنهج العلمي وهو ببساطة استخدام الطرق والقوانين و الأساليب من قبل الباحثين لتشخيص وتحليل الواقع العملي تحليلاً ميدانياً تمكن الباحثين من إيجاد الحلول المناسبة لحل القضايا والمشكلات، فالعمل النظري البحت لا يمكن أن يساهم في حل القضايا والمشكلات إلا إذا استند إلى رؤية واقعية.
ونرى ــ في مجال الحملات التوعويه مثلا ــ أنها لن تحقق النجاح المطلوب إلا بالاستمرارية والشمولية والتكثيف ، كما أن الرسالة التوعوية يجب أن تتوافق مع نوعية السلع الضارة أو المقلدة والمغشوشة وتباين خطورتها وضررها على المستهلك ، ومن هنا يجب على سبيل المثال أن نعرف الفروقات في هذه السلع ، و يهمنا في المقام الأول ( توعية المستهلك ) الذي تحيط به السلع والمنتجات من كل جانب بمختلف أنواعها وإشكالها وجنسيتاها ومستوى جودتها ، والذي بات محتارا في غياب المعلومة الدقيقة وغياب الدليل والمرشد عن الأجود والأصلح من هذا التدفق الهائل من السلع ، ولعل أخطر ما يواجهه المستهلك هو نوعية السلع الجيدة والرديئة من جانب والإفراط في تناول بعضها من جانب أخر ، والتي تتباين خطورتها على صحة وسلامة المستهلك ، فالسلع والمنتجات ذات مستويين:
الأول : سلع ومنتجات تعتبر مصدرا للخطورة المباشرة على المستهلك وتهدد حياته وسلامته ، و بعض الحالات الصحية الخطرة كانت بسبب هذه النوعية من السلع والمنتجات .
الثاني : سلع ومنتجات تعتبر مصدرا للهدر المالي على المستهلك ومن ثم على الاقتصاد الوطني عموما ، ولا تسبب خطرا حقيقيا ومباشرا على المستهلك . ومن هنا يجب أن تختلف لغة الريالة التوعوية طبقا لخطورة هذه السلعة أو تلك .
أساليب التوعية :
التحذير والتنبيه والتخويف:
ضد المخاطر المباشرة للسلوكيات والممارسات الصحية والغذائية الخاطئة على المستهلك مثل ( التدخين ــ الممارسات الجنسية المحرمة ــ الإفراط في تناول المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة .. الخ ) وأسلوب التوعية تجاه هذه النوعية من الممارسات أو السلع ذات الخطورة الواضحة ، يجب أن يكون تخو يفيا و تحذيريا وتنبيهيا من جراء ممارسات خاطئة صحية أو استهلاكية ، وهنا يجب أن تكون الرسالة الموجهة للمستهلك حقيقية وصارمة ومستمرة مستخدمة الصورة المعبرة والكلمة المختصرة . ونحن نفتقد هذه النوعية الأساليب في التوعية الصحية .
النصح و الإرشاد :
وهي توعية المستهلك من خلال إرشاده إلى إتباع الطرق الصحيحة والمثلى في اختياره للسلعة الغذائية أو استهلاكها بشكل صحي ، ومعرفة مدى مضارها ( كتناول السكريات بكثرة أو الزيوت الحيوانية )
التثقيف:
والتوعية التثقيفية تركز على النواحي التالية
أولا: الثقافة السلوكية للمستهلك وهي التوعية بتثقيف المستهلك سواء في بحثه أو شراءه أو استخدامه للسلع والمنتجات التي يتوقع أنها تشبع رغباته، أو تثقيفه لترشيد الشراء والاستخدام والاستهلاك.
ثانيا: الثقافة القانونية للمستهلك في حال تعرضه للضرر الصحي أو للخداع أو الغش ، ومعرفة حقوقه وكذلك معرفة الجهات ذات الاختصاص في حل قضاياه كمستهلك .
ثالثا : التفافة الصحية للمستهلك ، حيث المنتجات والسلع التي لها علاقة مباشرة بالصحة والسلامة والتي لها مضار سلبية على المدى البعيد كـ( الأغذية المعلبة ذات المواد الحافظة والمحلاة والملونة والمؤكسدة ــــ العطورات ـــ المنظفات ــــ مستحضرات التجميل .. الخ ) ونصحه بالإقلال منها واستخدامها الاستخدام الصحي .
مصادر المعلومات :
يجب أن تستقى من مصادرها الرسمية ، وهنا يجب مخاطبة الجهات التي لها علاقة بالمستهلك بشكل مباشر أو غير مباشر للحصول على هذه المعلومات التي سوف تكون هي المادة التي يقوم باستخدامها كرسائل توعوية إلى كافة المتلقين .
تبسيط المعلومة:
الرسالة التوعوية يجب أن تكون مبسطة وبدون تعقيد علمي واصطلاحي ، وأن تكون في متناول عقول وأدراك الجميع و لكي تحدث التأثير المطلوب .
واقع توعية المستهلك بالمملكة
لازالت توعية المستهلك بقضاياه وشئونه في المملكة من خلال وسائل الإعلام المختلفة أو حتى الجهات المعنية بالمستهلك أقل مما يجب وذلك من خلال ادوار ليس لها تأثير واضح وخاصة من الجهات الحكومية ذات العلاقة بتوعية وحماية المستهلك .
فهناك الكثير من الجهات الحكومية لم تقم بتوعية المستهلك إلا من خلال أعمال متواضعة كما وكيفا ، ــــ واستثني من ذلك وزارة المياه والكهرباء والهيئة العامة للغذاء والدواء ـــ أما البعض الأخر منها وبعد أن تشتد إحدى أزمات ومشاكل المستهلك في وسائل الإعلام ( أنفلونزا الطيور مثلا ) تبدأ في التفكير ومن ثم التنفيذ وذلك بعد أن تخمد النار . وفي هذا الجانب نفتقد إلى التوعية الوقائية العاجلة أو السريعة . أو ما يسمى بإدارة الأزمات .