3أبريل

العطر الأسود

عبدالعزيز الخضيري
    
لاحظت في زيارة عمل للعاصمة العمانية (مسقط) قبل أكثر من 18عاماً، ان أجهزة المرور هناك تمنع أي سيارة ينبعث منها دخان أسود من السير في شوارع العاصمة قبل القيام بصيانتها مع دفع غرامة مالية لهذا التجاوز الصحي والبيئي ونحن هنا وفي عام 2007م، لازلنا نستمتع برؤية واستنشاق ما طاب لها ان تهدينا المركبات وخاصة الشاحنات من (عطور قاتلة وملونة). لقد ازداد وبشكل كبير وجود السيارات في شوارعنا وطرقنا التي تستمتع بنفث دخانها الأسود، حيث لازالت مركباتنا وخاصة الكبيرة منها (الحافلات) تهدي لنا يومياً وفي أغلبية شوارع مدننا المزدحمة بشكل خاص السموم المنبعثة منها بسبب خلل ميكانيكي فيها، وفي ظل غياب واضح من الجهات الرقابية كالإدارات العامة للمرور والتي من المفترض عدم السماح باستخدامها إلاّ بعد اصلاحها فضلاً عن الغرامات التي يجب ان تقرر على قائديها. وأكدت الأبحاث العلمية منذ أواخر الثمانينيات ولازالت تؤكد ان الرصاص الناتج من عوادم السيارات له تأثير سلبي على نمو الادراك لدى الأطفال.. فالدراسات كشفت عن تأثير الرصاص في كثير من وظائف المخ مثل التركيز والتناسق العضلي واللغة. كما تثبت دراسات أخرى (أجريت على الشباب) ان التأثير الضار للرصاص في النمو الادراكي تأثير مزمن يؤثر في القدرات الوظيفية والتقدم الأكاديمي للشاب.
كما يعد الأطفال هم الأكثر عرضة لهذه المادة الخطرة، وذلك بسبب فروق الوزن بينهم وبين الكبار، ولأن الأطفال يمتصون ويحتفظون داخل أجسادهم بكميات أكبر من الرصاص. ينتج عن ذلك دخول الرصاص إلى أجساد الأطفال بنسبة 35مرة أكثر من الكبار.
فضلاً على ان أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكربون الناتجين عن احتراق البنزين هما من أهم مسببات الاحتباس الحراري، وإلى آثار سلبية على صحة الإنسان، مثل: الربو الشعبي، والكحة الناشفة والصداع وتهيج العينين والأنف والحنجرة. كما ان بعض المعادن الضارة المذابة في المطر الحمضي، والتي تمتصها الفاكهة والخضر وأنسجة الحيوانات وتصل بالتالي إلى الإنسان عند تناولها، تؤدي إلى التخلف العقلي لدى الأطفال ومرض “الزهايمر” لدى الكبار وأمراض الكلى.
وأعود إلى الإدارات العامة للمرور في مدننا المسؤولة عن وجود مثل هذه المركبات التي لونت طرقاتنا وهوائنا بدخانها الأسود.. إلى متى ونحن سنظل تحت رحمة قائدي هذه السيارات وعطرها الأسود؟
شارك التدوينة !

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

© جميع الحقوق محفوظة 2016
%d مدونون معجبون بهذه: