د/ إبراهيم بن عبد الله العريفي
دكتوراه في علوم الأغذية و التغذية
خبير العلاج بالعسل و منتجات النحل
عسل النحل و الجودة
يعرف عسل النحل بأنه تلك المادة اللزجة سميكة القوام التي تجمعها شغالات النحل من جنس (Apis ) من رحيق الأزهار ، وتقوم بإفراز أنزيمات لتحويل السكريات الثنائية كالسكروز إلى أحادية جلوكوز وفركتوز وتخفض من نسبة الرطوبة وترفع من نسبة السكريات الكلية ، فالعسل هو إنتاج حيواني ونباتي في الوقت نفسه ، وعرف الإنسان عسل النحل منذ آلاف السنين واستخدم كعلاج لكثير من الأمراض في الأمم السابقة . وورد ذكره في القران في سورة النحل :((يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس )) الآية (69) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الشفاء في ثلاث : في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية نار ، و أنا أنهى أمتي عن الكي ). فالعسل يحتوي على الماء والسكريات والأنزيمات الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية ومضادات الميكروبات ، حيث أن 100جم منه يعطي 304 سعرات حرارية وهو في المرتبة الثانية بعد التمور من حيث الإمداد بالطاقة ، إذا فهو غذاء ودواء في الوقت نفسه ولكن ….. متى …..؟ وكيف ..؟ .
بين فكي الغش والسعر:-
لقد بات المستهلك في حيرة من أمره حول تحديد ومعرفة ما هية العسل الطبيعي ، وأي نوع هو الأجود …؟ وأين يجده …؟ وكيف يتم حفظه ..؟ فالمعروض من أنواع العسل كثير ولكن على حساب الجودة ، والسوق مليئة بأنواع من العسل المعروض (محلي ومستورد ) ومنها ما هو مجهول الهوية والمصدر ، والبعض منه يسمى باسم المصدر النباتي كعسل السدر أو الطلح أو البرسيم دون تحديد أسم البلد المنتج . فوجود العسل بهذه الكثرة والتنوع وتفاوت الأسعار قلل من ثقة المستهلك فيه . والذي كثيرا ما يقع في فخ السعر الأعلى بحثا عن الأفضل وقد لا يوفق في ذلك ، كما أن ممارسات بعض النحّالين وتجار العسل قد تفقد العسل خاصيته العلاجية بل قد يعد من السلع الغذائية غير الصالحة للاستهلاك الآدمي .
التسخين والجودة :-
التسخين من المعاملات الضارة بجودة العسل التي قد يقوم بها بعض النحالين أو بعض تجار العسل أثناء استخراج العسل لإزالة التبلور وإرجاع العسل لحالته الطبيعية، فالحرارة العالية التي تتجاوز (70مْ ) تؤثر على الجودة وذلك برفع مادة الهيدروكسي ميثيل فورفورال ( H.M.F ) الناتجة عن تأكسد سكر الفركتوز في وجود حمض وحرارة . كما أن الحرارة تحطم الأنزيمات في العسل والخواص العلاجية الأخرى كمادة فوق أكسيد الهيدروجين ذات التأثير العلاجي وخصوصا علي الجروح ، وغيرها من المركبات . أما الشمس فلها تأثيران (الحرارة والأشعة) . فبعض محلات العسل ــ للأسف ـــ تقوم بعرض بعض البرطمانات ( العبوات ) على واجهة المحل المقابلة للشمس وذلك لجذب الزبائن ولفت الانتباه ، ولكن ماذا يحدث للعسل ؟ إن أشعة الشمس تعمل كثيرا على تأكسد العناصر التغذوية للعسل من خلال حرارتها العالية خصوصا في فصل الصيف فعلى المستهلك التنبه إلى ذلك ، وننصح صاحب المحل بان يتجنب عرض العسل على واجهات المحل حفاظا علي التغيرات السلبية التي تحدث للعسل وحفاظا على صحة المستهلك أيضا ، فان المستهلك الذي لا يستطيع أن يميز العسل الطبيعي الأصلي من المغشوش قد ينخدع وراء بعض التخمينات التي يقوم بها البعض لإثبات أن العسل أصلي و طبيعي وليس مغشوشا مثل حرق العسل أو وضعه على الرمل وما شابه ذلك من الطرق التقليدية لمعرف العسل الأصلي ، فهذه الاجتهادات معرضة للصواب والخطأ ولكنها أقرب إلى الخطأ منها إلى الصواب، فلنأخذ على سبيل المثال رمي قطرة من العسل على الرمل هل تتكور أم تختلط مع الرمل ، من الناحية العلمية : أن قطرة العسل إذا كانت الرطوبة بها عالية فسوف تختلط أما إذا كانت الرطوبة منخفضة أي أن العسل ناضج فسوف تتكور القطرة ولا تختلط ، إذا فهذه التجربة حددت مدى نضج العسل أو محتواه المائي وهذه قد يميزها المستهلك من خلال رج وخض ( العبوه ) البرطمان ومشاهدة حركة العسل ، إذا فهذه التجارب تحدد بعض صفات العسل ولكنها ليست هامة وقاطعة لكشف الغش في العسل أو التغذية الصناعية بالسكر . فالسبيل الوحيد هو الفحوص والتحاليل المخبرية التي من خلالها يمكن التثبت من صلاحية العسل للاستهلاك الآدمي وكذلك معرفة العسل المغشوش وتحديد مستوى الجودة ، كما أن العسل لا يحتاج إلى الحفظ في الثلاجة فدرجة حرارة الغرفة (25مْ ) مناسبة جدا لحفظ العسل . وقد يتساءل البعض عن التبلور أو ما يطلق عليه العامة التجمد في العسل وهذه من خصائص العسل الطبيعية التي تحدث عندما تقل درجة حرارة العسل عن (14مْ ) يتبلور سكر الجلوكوز على شكل بلورات ويترسب . وهناك العديد من النظريات العلمية التي تفسر ذلك ، فليس كل أنواع العسل تتبلور وإنما بعض الأنواع وذلك اعتمادا على نسب السكريات المختزلة مع الرطوبة ، كما أن حبوب اللقاح نواة للتبلور وإزالة التبلور ممكن أن يتم بتسخين العسل في ماء ساخن بحيث لا تتجاوز حرارة العسل (70مْ ) مع التحريك حتى يعود إلى طبيعته . وبعض أنواع العسل قد يتبلور مرة أخرى إذا لم تكون الحرارة أو المدة كافية لإزالة التبلور . فعسل النحل يكون طبيعيا وغذاء ودواء إذا لم يتعرض النحل لأي عمليات تغذية صناعية ، وفرز العسل بعد نضجه بطريقة صحيحة ودون تعريضه لأي معاملات حرارية أو أشعة الشمس وتخزينه في أوعية صحية ، ويعتبر الزجاج هو أفضلها بينما المعدن المتآكل يتفاعل مع الأحماض الموجودة في العسل ويصبح العسل ملوثا ببعض المعادن الثقيلة والتي لها تأثير ضار على الجسم على المدى البعيد بما يسمى بالأثر التراكمي . كما أن بعض عسل المزارع قد يتلوث بالمبيدات الحشرية والتي تجمعها النحلة من رحيق الأزهار التي تم رشها بالمبيد ، وتذوب في الشمع أكثر من العسل بسبب القطبية ، فبعد فرز العسل تكون غالبية المبيد قد تم التخلص منها في الشمع لذا نحذر من أكل الشمع الناتج من خلايا النحل في المزارع التي ترش بالمبيدات الحشرية . كما أن طريقة أخذ العسل وتناوله تحدد درجة الاستفادة منه علاجيا فقد يقوم المريض بتناول العسل لعدة شهور.
كيف تعرف العسل الطبيعي من المغشوش
العسل مادة غذائية ، بل هو من أهم المواد الغذائية ، حيث له جانبه الغذائي والعلاجي بأذن الله .. ! لكن الذي يحير الناس كثيرا هو مدي معرفة الأصلي ((العسل الحقيقي)) من المغشوش .. والعسل الجيد من الرديء .. والعسل الذي يحتوي على المواصفات الصحية والغذائية المتميزة والعسل الذي يخلو من هذه المميزات .
وقد يصعب على المستهلك معرفة ذلك بنفسه ، لكن هناك مختبرات علمية معتمدة من الجهات ذات العلاقة تعتمد على المواصفات القياسية السعودية والعالميه .
فهذه المختبرات تقوم في أجراء الفحوص والتحاليل المخبرية الخاصة بعسل النحل للتأكد من مطابقته للمواصفات القياسية السعودية وكشف الحالات التي تسبب انخفاض مستوى جودته سواء أكانت بسبب سوء التخزين أو نتيجة لعدم فهم طبيعة العسل الحساسة عند عملية استخلاصه باستخدام الحرارة مثلا ، وأيضا كشف حالات الغش التي قد يتعرض لها العسل ، وذلك باستخدام الطرق المعتمدة بالمواصفات القياسية السعودية (طرق اختبار عسل النحل ) .
وكذلك إزالة اللبس عن المستهلكين والمحلات والشركات المتخصصة في العسل لتتضح لديهم الرؤية عن العسل الذي لديهم أو الذي سوف يشترونه أو يستوردونه من خارج المملكة وهل هو طبيعي ( أصلي ) أم مغشوش ، وهل التغذية صناعية أم لا وكذلك تحديد مدى جودته النهائية.
و العسل الطبيعي ببساطة هو الذي تنتجه شغالة النحل من رحيق الأزهار وتضيف له الكثير من العناصر الحيوية كالأنزيمات . لذا فالعسل الطبيعي في نظرنا هو نتاج نباتي حيواني وربما بسبب هذا يؤتي العسل فوائده التي أكدها القرآن الكريم وأثبتها العلم ولازال يؤكدها بين حين وأخر حتى الآن . والعسل بهذه الصورة يعتبر عسلا طبيعيا ويتميز بجودة عالية . ولكن في بعض الأحيان قد يتغذى النحل على بعض الإفرازات النباتية من الثمار وأجزاء النبات الأخرى وهذا يعتبر عسلا طبيعيا أقل جودة ويسمى عسل الندوة العسلية . وقد يتغذى النحل أيضا على محاليل سكرية (تغذية صناعية) ويلجا إلى ذلك بعض مربي النحل أثناء فترات الجفاف وعدم وجود الأزهار الكافية أو بهدف الحصول على محصول وافر من العسل وهذا يعتبر أقل أنواع العسل من ناحية الجودة ، ويسمي عسل الخبيز.
والطرق البدائية الشائعة بين الناس كحرق العسل وتجميده في الثلاجة إلى آخره من هذه الطرق جميعها طرق تقليدية قديمة ليس لها أي أساس علمي بل اجتهادات وتخمينات ذاتية عن طريق الصفات الطبيعية للعسل وقد تخطئ وقد تصيب ولكن الغالب أن هذه الطرق خاطئة لأنه لا يمكن معرفة نسبة السكروز أو أنزيم الدياستيز أو الهيدروكسي ميثيل فورفورال أو بقية العناصر في العسل بهذه الطرق البدائية. والفحوص والتحاليل المخبرية هي فقط التي تمكننا من معرفتها والحكم علي جودة العسل من عدمه .
العسل (المتبلور) والغش
تبلور العسل يعتبر صفة طبيعية لبعض أنواع العسل ، فأن التسخين يؤدي إلى وأد الخصائص العلاجية الموجودة طبيعيا فيه كالأنزيمات وبعض الفيتامينات والهرمونات وهي مواد مفيدة جدا من الناحية العلاجية وتقوية البنية عامة وتتأثر هذه المواد كثيرا بالحرارة ، ولذا فنصيحتنا لمن لديه عسل متبلور أن لا يلجأ إلى تسخينه ففي رأينا أن الحرارة هي العدو اللدود للعسل بالإضافة إلى ذلك فالحرارة تزيد من محتوي الهيدروكسي ميثيل فورفورال وهي مادة غير مرغوبة تتكون من العسل إذا تعرض للحرارة ، وخصوصا إذا زادت هذه المادة عن الحد المسموح به في المواصفات القياسية .
بعض الممارسات تفقد العسل خواصه وتتلفه
أن تدخل الإنسان في عسل النحل بالممارسات والمعاملات قد يفقده خواصه العلاجية . ويلجأ بعض الناس لهذا التدخل لإزالة خاصية طبيعية فيه مثل التبلور أو لمنع حدوثها مثل التجميد بعد الفرز أو اختبار صفة مثل الجودة وفي هذا الموضوع الهام و الحساس نود أن نوضح للمستهلك أن هذه المعاملات من اخطر المعاملات التي تؤثر على عسل النحل و نوجزها فيما يلي :-
1-التسخين :-
تسخين العسل يلجأ إليه بعض تجار العسل بقصد إزالة التبلور أو تغيير لون العسل إلى اللون البني الداكن ( عنبري داكن ) بقصد الغش أو إدعاء مصدر أخر للعسل كعسل الطلح أو الشوكة .
و قد يلجأ لذلك بعض المصانع لتسهيل عملية التعبئة و البسترة وتعقيمه من الخمائر و الفطريات و منع التبلور و نود أن ننبه أن تسخين العسل الشديد يتلفه و يحوله من عسل غير صالح للاستهلاك الآدمي ، وذلك أن هذه العملية تؤدي إلى رفعة مادة الهيدروكسي ميثيل فورفورال ( H.M.F. ) و هذه المادة ناتجة من تأكسد سكر الفركتوز في وجود حمض و حرارة و هي ضارة للصحة ، كما يؤثر التسخين الشديد بإتلاف الأنزيمات في العسل و التي لها خاصية علاجية .
و لبعض المركبات مثل فوق أكسيد الهيدروجين( H2O2 ) و غيرها من المركبات العلاجية يتحول العسل إلى مادة غير مفيدة من الناحية العلاجية بل قد تكون ضاره .
إذا فالتسخين الشديد و التجميد وجهان لعملة واحدة من حيث التأثير السلبي على عسل النحل من الناحية العلاجية.
2-التجميد
إن وضع العسل في الفريزر بدرجة ( -18م ْ ) تحت الصفر المئوي هي طريقة خاطئة و يلجأ أليها بعض تجار العسل أو مستهلكيه أما بقصد اختبار جودة العسل هل يتجمد أم لا ..؟؟. و لا يعلم أن وضع العسل في الفريزر يتعرض لدرجات تبريد منخفضة تفقده الأنزيمات مثل التسخين على 100مْ و يحطم بعض المركبات العلاجية فالعسل يحتوي على أنزيمات هامة مثل الدياستيز و الانفرتيز و الجلوكوز و غيرها من الأنزيمات فالتجميد مثل التسخين يتلف هذه الأنزيمات و ننصح بعدم وضعه في الفريزر ( المجمد ) و إذا ما أراد المستهلك أن يثبت جودته فليلجأ إلى التحليل المخبري .
كما يلجأ بعض تجار العسل والنحالين بعد فرز العسل من الشمع بوضعه في الفريزر لغرض منع حدوث التبلور مستقبلا و لكن النتيجة أن العسل قد فقد كل خواصه العلاجية .
وهذه التجربتين أو المعاملتين من قبل المستهلك و النحالين المتمثلة بالتجميد هي تدور حول محور التبلور و هو ما يطلق عليه عامة الناس التجمد .
3-ظاهرة التبلور :-
أما تبلور العسل أو ما يطلق عليه عامة الناس التجمد هو من خصائص العسل الطبيعية وليست دليلاً على تغذية النحل بالسكر كما يظن البعض وإنما هي خاصية طبيعية تعتمد على نوعية العسل ودرجة تخزينه . فعادة ما أن يشاهد المستهلك العسل المتبلور كلياً أو جزئياً يتبادر إلى ذهنه أن هذا العسل مغشوش وقد لا يقدم على شرائه لهذا السبب ، وهنا نود أن نوضح بعض التعاريف والنقاط الهامة التي توضح أسباب التبلور والطريقة المثلى لإعادة العسل لطبيعته الأولى .
فالعسل المتبلور هو العسل المصفى بحالة طبيعية وترك في درجة حرارة أقل من 22ْم وتتجمع السكريات على شكل بلورات تعطي العسل شكلاً حبيبياً . وتتصف التحويلات الفيزيائية التي تؤدي إلى تبلور العسل بأنها شواهد على أن العسل طبيعي . وتعكر العسل في ذات الوقت الذي يتصلب قوامه وتشكل على سطحه غشاء رقيق أبيض وحبيبي تزيد سماكته تدريجياً . إن هذا ناتج عن تبلور سكر الجلوكوز ويبقى سكر الفركتوز ذائباً في الماء الذي لا زال موجوداً بين بلورات الجلوكوز ولا تلبث البنية الحبيبية أن تجتاح مجمل كتلة العسل وبشكل تدريجي وربما أخذت شكل سحابة بيضاء وتعطي بلورات الجلوكوز خلال فترة تشكلها شعوراً مذاقياً غريباً يتوسط بين السكر والزبدة وقد يفهم بعض الناس هذه الحالة بأنها نوع من الغش وهذا مفهوم خاطئ ، وقد أظهرت التجارب أن حجم البلورات وسرعة تكوينها يتوقفان على عدة عوامل أهمها عدد البلورات الأولية لسكر الجلوكوز الموجودة في العسل أثناء فرزه ، وقد وجد أن العسل المستخلص من أقراص شمعية عتيقة تكرر استعمالها في عدة مواسم يتبلور بسرعة ويتحول إلى كتلة دقيقة الحبيبات كالدهن المتجمد نظراً لوجود عدد كبير من البلورات السكرية الأولية فيه ، أما العسل المستخلص من أقراص شمعية جديدة فيكون بطيء التبلور وتوجد علاقة مباشرة بين درجة الحرارة وسرعة التبلور حيث تتكون البلورات السكرية بسرعة كبيرة عند حفظ العسل في مكان دافئ ، لأن لزوجته تنخفض وتتكدس مجاميع البلورات أو الحبيبات في القاع على هيئة رواسب ، أما إذا حفظ العسل في مكان بارد فإن لزوجته تزيد وتبطئ عملية الترسيب وبذلك يكون لدى الحبيبات الوقت الكافي كي تنمو وتتحد قبل أن تترسب ويبدأ تصلب العسل بتكوين الحبيبات التي تتماسك وتؤدي إلى تبلوره ، ويختلف شكل ولون الحبيبات المتبلور في العسل على نوع العسل ومكانه (بعض أنواع العسل يتبلور بصورة متجانسة ، بينما البعض الأخر قد يظهر سائلاً في الأعلى وتترسب البلورات في الأسفل) وهنا لا بد من إيضاح نقطة هامة وهو أن الجزء الأعلى السائل يحتوي على رطوبة عالية قد تتجاوز 20 % مما قد يؤدي إلى إحداث التخمر للجزء العلوي من العسل نتيجة لنمو الخمائر والفطريات مما يحوله إلى عسل غير صالح للاستهلاك الآدمي. وأيضاً تختلف سرعة التبلور من نوع إلى آخر فبعض أنواع العسل يتبلور بعد إنتاجه مباشرة والبعض الآخر قد يستمر على هيئة سائل عدة سنوات .
وقد وجد أن هناك عوامل كثيرة تساعد على التبلور (التحبب) ومن ضمنها:-
1 – النسبة المئوية لسكر الجلوكوز إلى نسبة الرطوبة G/W% كلما اقتربت النسبة من 1.5 يكون التبلور بطيئاً وتزداد سرعة التبلور بارتفاع النسبة .
2 – النسبة المئوية للسكريات المختزلة (الجلوكوز والفركتوز) G/F% غالباً ما تكون أقل من الواحد الصحيح وكلما قربت النسبة من الواحد الصحيح كان الميل إلى التبلور سريعاً والعكس صحيح .
3 – حبوب اللقاح التي تعتبر نواة للتبلور تتجمع عليها وتترسب في القاع السكريات حتى يكتمل التبلور .
4 – درجة حرارة حفظ العسل والتي تقل عن درجة 14ْم .
5 – استخدام أقراص شمعية قديمة ( تكرر استخدامها ) .
وهذه الخاصية (التبلور) ممكن إزالتها بمعاملة العسل في حمام مائي (ماء ساخن) بحيث لا تتجاوز درجة حرارة العسل عن 60ْم حتى لا تتأثر مكوناته العلاجية كالإنزيمات وفوق أكسيد الهيدروجين H2O2 وغيرها من الخواص العلاجية والتي تتكسر بالحرارة ، فبعض أنواع العسل المعبأة في المصانع تعرض إلى معاملة حرارية لتقطع عملية التبلور وتمنع حدوثها وبمثابة بسترة للعسل للقضاء على الخمائر والفطريات التي تفسد العسل بإحداث التخمر وهذه الحرارة إذا كانت عالية قد تؤدي إلى خفض الخواص العلاجية له كما أنه يتعرض إلى تصفية لإزالة حبوب اللقاح والشوائب لكي لا تكون نواة للتبلور وخاصية التبلور التي تعتبر من عيوب التسويق وليست من عيوب الجودة .
لذا ننصح المستهلك أن يتناول العسل المتبلور بدون أي معاملة حرارية حتى تتم الاستفادة الكاملة من قيمته العلاجية ولكن إذا أريد تسويقه فإنه من المستحسن لتاجر العسل معاملته حرارياً كما ذكر سابقاً لإزالة التبلور دون المساس بالخواص العلاجية .
* العبوات الصحية لعسل النحل
عبوة العسل هي الوعاء الذي يخزن فيه العسل و قد يكون لفترات طويلة لسنوات ، إذا أن العبوه من حلقات أو مراحل تداول العسل الهامة لأنها قد تؤثر عليه تأثيرا كبيرا من حيث الجودة أو الصلاحية للاستهلاك الآدمي فاغلب عبوات العسل التي يتم تداولها بالجملة ( براميل حديد ، الومنيوم ، ستانلس ستيل ، أو بلاستيك ، براميل و قد يكون هناك أنواع أخرى .
أما مبيعات العسل ( التجزئه ) بالكيلو أو أكثر فالغالبية زجاج أو بلاستيك على شكل جراكل صغيرة أو قدور أو علب مستديرة الشكل معدنية تخزن بها أقراص الشمع مع العسل و غالبا يسوق بها العسل الحضرمي و نوضح للمستهلك الكريم بعض الحقائق العلمية حول عبوات العسل و أفضل العبوات الصحية ؟ :-
1 ــ أفضل أنواع العبوات للعسل هو الزجاج النقي و الزجاج درجات و يفضل حجبه عن ضوء الشمس أو الإنارة و خاصة الفلورسنت ( النجف ) لتأثير الإضاءة على أكسدة بعض المركبات التغذوية في العسل و يحذر من ملئ العبوة حتى لا يلامس العسل غطاء العبوه ، لأنه يتفاعل مع العسل و يحدث طعم و نكهة غير مقبولة في العسل إذا خزن لفترات طويلة
2 ــ يليها عبوات ستانلس ستيل الخالي من لحام الرصاص سواء لتخزين العسل أو نقله بالجملة أو المفرق فهو لا يتفاعل مع العسل و يعتبر صحي
3 ــ العبوات البلاستيكية ذات الدرجة الغذائية أي التي لا تتفاعل مع العسل بشكل سلبي و خاصة عند تعرضها لحرارة الشمس أو التخزين السيئ و الذي يفترض أن يكون التخزين ( سليم )
وقد تكون ذات أحجام كبيرة ( 100 ) كجم أو أقل من ذلك أو الجراكل العادية( 30 ) كجم فأقل أو عبوة وزن 1كجم ننصح عند استخدامها أن تكون من نوعيات جيدة من مصانع موثوق بها و المواد المستخدمة في تصنيع العبوات ذات جودة عالية و عدم تخزين العسل المعبأ بها في درجة حرارة عالية أو أشعة الشمس لتأثيرها على مادة البلاستيك و التي تلوث العسل بمركبات بولي ايثلين ( بولمر ) أو مضافاتها كاللون أو المثبتات الصناعية .
4 ــ يوجد أنواع من البلاستيك الشفاف الشبيه بالزجاج في شكله قد يستخدم لتخزين العسل بالشمع و هذا أفضل من العبوات المعدنية الرديئة كما انه قد يستخدم عبوات ستانلس ستيل بدون لحام .
أما العبوات السيئة التي لا ننصح باستخدامها فهي :-
1 ــ عبوات العسل الدائري المعدنية ( الالمومنيوم ) و المستخدمة لتداول العسل مع الشمع الحضرمي ( القروف ) و المعروفة بعبوات الحلوى و هذا النوع من العبوات قد يستخدم في تصنيع العبوه لحام الرصاص و هذا يتفاعل مع العسل و يلوثه بعنصر الرصاص السام ، كما أن مادة الالمومنيوم تتفاعل مع العسل و تزيد تركيزه و إذا زاد التركيز قد يحدث تسمم بالالمومنيوم ، لذا ننصح بعدم استخدامها و استبدالها بعبوات المادة المستخدمة في تصنيعها ستانلس ستيل بدون لحام رصاص و بنفس الشكل وقد تكون مكلفة اقتصاديا نوعا ما و لكن الناحية الصحية أهم كما نلفت انتباه المستهلك إلى أن المشكلة تكمن في متبقي العسل المترسب أسفل العبوه فهو عادة يكون ملوث لتلامسه لفترة زمنية طويلة مع جدران العبوه فيجب التخلص من هذه الكمية البسيطة وأخذ الأقراص لعبوات صحية أفضل .
2 ــ عبوات معدنية اسطوانية الشكل المستخدمة لتعبئة السمن أو الحليب (المرفاع) وهذه سيئة للعسل لحدوث تفاعل بينها وبين العسل وإفرازه أكسيد الحديديك الضار كما أن غطاء العبوة أثناء قفله وفتحه (سنة) يحدث تآكل لمادة العبوة المعدنية السوداء اللون وتلوث العسل والخوف هنا من التلوث بالعناصر الثقيلة الموجودة في مادة العبوة (المومنيوم ، رصاص ) وهذه العناصر إذا زاد تركيزها في العسل عن حد معين أصبحت مؤثرة على الجسم من الناحية الصحية
3 ــ قدور معدنية وغالبا المومنيوم وقد يخزن العسل بها لفترات طويلة وهذه تتفاعل مع العسل لان العسل يميل للحامضية ويحدث تآكل ويزيد تركيز مادة الالمومنيوم في العسل وقد تصل لمقاييس عالية على مدى الأيام تحدث ضرر للمستهلك نتيجة استهلاكه كميات عالية من الالمومنيوم وننصح باستخدام قدور ستانلس ستيل .
4 ــ العبوات البلاستيكية رديئة النوعية سواء صغيرة أو جراكل ، ومادة البلاستيك الأولية درجات من حيث النوعية والجودة ، فبعض هذه المواد مواد رديئة أو بلاستيك غير نظيف وتخزين العسل فيه يزيد الطين بله وخاصة ظروف المملكة غير مناسبة لمثل هذه النوعية لارتفاع درجة الحرارة بها حيث مع ارتفاع درجة الحرارة تتحول مادة البلاستيك الرئيسية للجراكل (العبوات) بولي ايثلين عالي الكثافة مع الحرارة إلى بوليمر من الايثلين كما أن المضافات لهذه المادة مثل الملدنات و المثبتات و الألوان الصناعية التي تعطي اللون المطلوب للجركل أحمر أو اسود أو ابيض أو غيره من الألوان ، فهذه المضافات قد تلوث العسل في ظل عدم التخزين السليم و الذي يجب أن يكون اقل من 25°م تقريبا و بعيدا عن أشعة الشمس