المستهلك هو من يستعمل المنتجات لإشباع حاجات إنسانية، سواء أكان الشيء موضوع الاستهلاك مما يفنى باستعمال واحد، كالمأكول، والمشروب، والدواء، أو كان مما لا يفنى إلا باستعمالات متعددة، متتابعة، عن طريق الاندثار الجزي، كالملبس، ووسيلة النقل والمشاهد والصور، في الواقع أو في وسائل الإعلام وغيرها.
وحماية المستهلك تعني استعمال المجتمع المسلم لوسائل شرعية تحفظ مصلحة المستهلك، الآنية والمستقبلية، في المواد، وفي المشاهد والصور، وفي أدوات المعرفة والتوجيه والإيحاء، وفي هذا السياق حرصت الحضارة الاسلامية على توفير الحماية اللازمة للمستهلك في كل هذه المجالات، يقول الإمام أحمد بن تيمية: (يأمر المحتسب بالجمعة، والجماعات. وبصدق الحديث، وأداء الأمانات، وينهي عن المنكرات كالكذب، والخيانة، وما يدخل في ذلك من تطفيف المكيال، والميزان، والغش في الصناعات، والبياعات، والديانات، ونحو ذلك). ويقول الإمام ابن قيم الجوزية: (يجب عليه (ولي الأمر) منع النساء من الخروج متزينات، متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات، كالثياب الواسعة، والرقاق، ويقول أيضاً (لا ضمان في تحريق الكتب المضلة، وإتلافها).
في إطار هذا التصور الواسع للمستهلك، ولحمايته، يمكن معالجة حماية المستهلك من خلال فروع ثلاثة.
الفرع الأول ـ حماية مستهلك السلع والخدمات:
تتم حماية المستهلك للسلع والخدمات على مستويين: مستوى الإنتاج، ومستوى التسويق:
أ ـ فعلى مستوى الإنتاج، يحمى المستهلك بتوفير الجودة في المنتج، وذلك لجنس الاختيار في المواد الخام، وباتقان التركيب والعمل الإنتاجي المتصل به، فالرسول (ص) يقول: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).
ويساعد على تحقيق الجودة توخي الإيمان في العامل، والخلق الاسلامي الرفيع، الذي يرفع العمل إلى مستوى العبادة لله تعالى، فيرتبط العامل بالله عز وجل، قبل أن يرتبط بالمشغل، يضاف إلى ذلك الاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي، حتى يتم تدعيم الجودة بالاختصار في الزمن اللازم للإنتاج، الأمر الذي يترتب عليه انخفاض عدد الساعات اللازمة للانتاج، والتي هي إحدى مقومات السعر أو الثمن، وقد حث الرسول (ص) على أن ينفع المنتج الناس عن طريق تخفيض الكلفة، ومن ثم تخفيض السعر: (خير الناس أنفعهم للناس).
من جهة أخرى، تتم حماية المستهلك على مستوى الإنتاج بتجنب التمويل الربوي الذي يرفع دائماً من كلفة السلعة المنتجة، لأن سعر الربا أو الفوائد البنكية يتحملها في النهاية المستهلك، فيتعرض للظلم.
(يا أيها الذين آمنوا، اتقوا الله، وذروا ما بقي من الربا، إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون).
وبالمقابل، توجد عدة بدائل عن التمويل الربوي، وجدت المشاركة بتقديم رأس المال من عدة أشخاص طبيعيين أو معنويين، ووجدت المضاربة عند طريق التقاء رأس المال بالعمل في الإنتاج. ووجدت المرابحة ووجد غيرها مما يفي بالحاجة، ويساهم في استقرار الأسعار، ومنع التضخم، لأن زيادة النقد عندئذ ترتبط بزيادة الإنتاج حتماً، فلا يكون مجال للتضخم.
ب ـ أما على مستوى التسويق فحماية المستهلك للسلع والخدمات تتم من خلال طبيعة السوق الاسلامية، ومن خلال عدة ضوابط شرعية:
أولاً ـ طبيعة السوق الاسلامية:
السوق هي مكان التقاء العارضين والطالبين، وليست بالضرورة مكاناً قاراً، كما هي الحال بالنسبة لسوق المواد الغذائية والثياب، وقطع الغيار، وقد تكون سوقاً متنقلة، أو خاضعة للصدفة، كسوق الكراء حيث يلتقي المكري والمكتري على قارعة الطريق، أو في منزل المكري مثلاً.
وطبيعة السوق الاسلامية أنها سوق حرة، ليس فيها احتكار، لا في السلع، ولا في المعلومات عن الأسعار، لأن الاحتكار جريمة اقتصادية، حيث يقول الرسول (ص): (لا يحتكر إلا خاطئ).
من دخل في شيء من أسعار المسلمين، ليغلبه لعيهم، كان حقاً على الله أن يقذفه في معظم من النار يوم القيامة.
وبذلك تتوفر المنافسة التي تتحدد بها الأسعار من خلال آليات الطلب والعرض، ومن خلال تلاقي شروط أطراف ا لتداول دون تدخل مسبق للسلطة في تحديد الأسعار. فقد أباح (ص) لأطراف التداول أن يشترطوا ما شاؤوا: المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً.
إن حرية السوق في الاسلام هي حرية منظمة بقواعد الشريعة التي تمثل شرط الله تعالى. فلا يدخل هذه السوق سلع محرمة، كالخمر، ولحم الخنزير، والتماثيل، والقروض الربوية، فالرسول (ص) يقول: (إن الله ورسوله حرما بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام).
وكذلك للتداول آداب ملزمة، يجب على أطراف التداول مراعاتها بدقة، فالرسول (ص) يقول: (لا يسم المسلم على سوم أخيه) و (لا يبع الرجل على بيع أخيه).
فسوم الشخص على سوم أخيه منافسة غير مشروعة، فلا يدخل الثاني في المنافسة قبل أن ينصرف المساوم الأول، وكذلك بيع الشخص على بيع الآخر، بأن يقول: أبيعك أحسن مما اشتريت بنفس الثمن، أو بأقل منه.
إن شروط الله تعالى في التداول لها الأولوية: لأنها الإطار لشروط البشر، فالتبعية من شروط البشر لشروط الله تعالى هي معنى العبادة التي خلق الانسان من أجلها:
ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليس في كتاب الله، من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق.
لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به.
ثم هذه السوق تخضع لرقابة السلطة، لأن الدولة في الاسلام هي دولة العقيدة، عليها أن تراقب التزام الناس لمقتضيات العقيدة في الحياة اليومية على المستوى الاقتصادي وغيره:
(ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين).
بهذه الحرية المنظمة مسبقاً، والمراقبة لاحقاً، تفسير النصوص الواردة في منع تحديد الأسعار، وفي جوازه، فقد طلب إلى الرسول (ص) أن يسعر السلع والخدمات في سوق المدينة، فأبى، وقال:
(إن الله هو المسعر، القابض، الباسط، الرازق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)ز
وقبل ذلك ربط القرآن حل التجارة بالتراضي في إطار قواعد الشريعة:
(ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم).
لكن الخليفة عمر بن الخطاب (رض)، رأى حاطب بن أبي بلتعة (رض) يخفض سعر سلعته عن سعر السوق، فقال له مهدداً: (إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا)، وهذا ما حمل أئمة الفقه من أمثال أحمد بن تيمية أن يقول: (يتبين، أن السعر منه ما هو ظلم، لا يجوز، ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس، وإكراههم لغير حق على البيع بثمن لا يرضون، أو منعهم مما أباحه اللهم لهم، فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل، فهو جائز، بل هو واجب).
ثانياً ـ الضوابط الشرعية:
وضع الاسلام عدة ضوابط تحمي الثقة، والتوازن بين أطراف التداول:
1 ـ منع الغرر:
قال أبو هريرة (رض): (نهى النبي (ص) عن بيع الغرر).
والغرر: أن يكون موضوع التداول غير مقدور على تسليمه إلى المتملك سواء أكان هذا الموضوع موجوداً أم معدوماً، يقول ابن قيم الجوزية في بيان معنى الغرر الشرعي: (ليس في كتابه الله، ولا في سنة رسول الله (ص) ولا في كلام أحد من الصحابة والتابعين، أن بيع المعدوم لا يجوز، لا بلفظ عام، ولا بمعنى عام، وإنما في السنة النهي عن بيع الأشياء التي هي معدومة. كما فيها النهي عن بعض الأشياء الموجودة، فليست العلة في المنع له العدم، ولا الوجود، بل الذي وردت به السنة النهي عن بيع الغرر، وهو ما لا يقدر على تسليمه، سواء كان موجوداً، أو معدوماً).
ومن أمثلة الغرر بيع السمك، وهو في ماء البحر، لم يصطد بعد، ومنها كذلك ما يسمى ضربة الغائص، حيث يبيع مستخرج الجواهر واللآلئ ما يمكن أن يستخرجه منها في إحدى الغواصات إلى مواقعها بقاع البحار، فقد يستخرج القليل، وقد يستخرج الكثير، وقد لا يستخرج شيئاً، وقد ورد عن الرسول (ص) أنه نهى عن ضربة الغائص.
ومن الغرر، الذي يحمى منه المستهلك ما يعرف ببيع السنين، حيث يبيع الانسان غلات حقله لعدى سنوات قادمة، فقد تكون غلة، وقد لا تكون، فيضيع المستهلك أو المتملك، قال جابر بن عبدالله (رض): نهى النبي (ص) عن بيع السنين.
ومن الغرر أيضاً: أن تباع الثمار على أشجارها ولم يبد صلاحها بعد، فعن أنس بن مالك (رض)، أن رسول الله (ص) نهى عن بيع الثمار حتى تزهي. فقيل له: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر، قال: أرأيت أن منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟
ومن هذا النوع أيضاً: أن يبيع الشخص ما لم يشترط بعد، وقد طلب منه، فقد يتسنى له الشراء، وقد لا يتسنى، قال حكيم بن حزام يا رسول الله! يأتيني الرجل، فيسألني البيع، ليس عندي ما أبيعه له، ثم أبتاعه من السوق؟
قال: لا تبع ما ليس عندك.
وقال عليه الصلاة والسلام: من ابتاع طعاماً، فلا يبعه حتى يقبضه.
لكن الاسلام رخص في بيع المثلي المتوافر في الأسواق، قبل قبضه، بل وقبل وجوده، وذلك في عقد السلم، حيث يدفع الثمن مسبقاً، على أساس أن تسلم السلعة بعد سنتين أو ثلاث، قال عبدالله بن عباس (رض)، قدم النبي (ص) المدينة، وهم يسلفون بالثمن السنتين والثلاث، فقال: من أسلف في شيء ففي كيل معلوم، إلى أجل معلوم.
2 ـ تقديم العارض للبيانات الكافية:
حول موضوع التداول، تبين نوعه، وصفاته المميزة، وكميته، وتخرجه من الجهالة، بحيث يتم التراضي عليه عن بينة تامة، وفي هذا الإطار نهى النبي (ص)، عن بيع الصبرة من التمر، لا يعلم مكيلتها، بالكيل المسمى من التمر، كما نهى عن الملامسة والمنابذة، قال الإمام مالك: (والملامسة: أن يلمس الرجل الثوب، لا ينشره، ولا يتبين ما فيه، أو يبتاعه ليلاً، ولا يعلم ما فيه.
والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه،وينبذ الآخر إليه ثوبه، على غير تأمل منهما، ويقول كل منهما للآخر: هذا بهذا).
ومن الواضح أن البيانات يجب أن تكون صادقة، لا كتمان فيها للعيوب، ولا كذب ولا دعاية مظلة، مشفوعة بالتأكيدات والأيمان الكاذبة، يقول الرسول (ص): المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً، فيه عيب، إلا بينة.
يقول الله عز وجل: (إن الذين يشترون بعهد الله، وإيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة، ولا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم).
3 ـ البعد عن وسائل فقدان الثقة بين أطراف التداول:
يحمى المستهلك بوجوب الابتعاد عن وسائل فقدان الثقة، وفي هذا السياق حرم الاسلام الغش في موضوع التداول، حتى يكون هذا الموضوع على حقيقته، فعن أبي هريرة (رض)، إن رسول الله (ص) مر برجل يبيع طعاماً، فسأله: كيف تبيع؟ فأخبره، فأوحي إليه: أن أدخل يدك فيه، فأدخل يده فيه، فإذا هو مبلول، فقال رسول الله (ص): ليس منا من غش.
والتدليس نوع من الغش، وقد كان منه لدى العرب في تداول الأنعام أن يشد الواحد ضرع البقرة، أو الشاة أو الناقة عدة أيام قبل الذهاب بها إلى السوق، لتظهر في أعين طالبيها منتفخة الضرع، غزيرة اللبن، فيقبل في شرائها بثمن مرتفع، وعندما يحتلبها، يجدها عادية، وقد نهى رسول الله (ص)، عن هذا الفعل الذي يسمى التصرية. قال: لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد، فإنه بخير النظرين، بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها، وصاعاً من تمر.
والفرق بين الغش والتدليس: أن الغش يكون سابقاً على عرض السلعة للتداول، كخلط اللبن بالماء قبل الدخول به إلى السوق، أو لاحقاً في مرحلة الوفاء، كمن يتعاقد على بيع تمر جيد، فإذا به عند الوفاء يقدم تمراً رديئاً، أو خليطاً من جيد ورديء، بينما التدليس هو خديعة مصاحبة للتداول.
ومن الغش التغيير في المقاييس من الموازين والمكاييل، عن المقاسات الشرعية المعروفة، أو النقص فيها عند البيع، والزيادة عند الشراء، مما يع بالتطفيف المعاقب: (وأوفوا الكيل إذا كلتم، وزنوا بالقسطاس المستقيم).
وفي نفس السياق، حرم الاسلام التلاعب بالأسعار عن طريق النجش، وهو أن يزيد الشخص في ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها، إنما يريد فقط أن يدفع الآخرين لشرائها، أو لقبول الثمن المرتفع المطلوب فيها، وقد يكون ذلك بتواطئ بين البائع والناجش، وقد قال الرسول (ص): لا تناجشوا.
4 ـ منع الوساطة غير المنتجة:
وجد الرسول (ص): إن المنتجين بالبادية العربية يأتون بمحصولهم إلى المدن، ليبيعوا بضائعهم، مقابل جزء من الثمن متفق عليه، فنهى (ص)، عن ذلك وأمر المنتجين أن يبيعوا محصولهم مباشرة، لأن ما يؤدى للوسيط يثقل كاهل المستهلك، قال (ص): (لا بيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض).
وكما نهى الرسول (ص) عن الوساطة بمعنى الوكالة بأجر على البيع، نهى عن الوساطة بمعنى الحيلولة دون التعامل المباشر بين المنتج والمستهلك، بحيث يشتري الوسيط لنفسه، ثم يبيع ما اشترى للمستهلك، دون أن يقوم هذا الوسيط بأي جهد انتاجي مثل تقريب السلعة من المستهلك. وهذا ما كان معروفاً لدى العرب بتلقي الجلب أو الموردين، لأن الوسيط في هذه الحالة قد يهدف إلى استغلال عدم معرفة المورد بالأسعار، فيبيع المورد سلعته بالجملة إلى الوسيط، وهذا يبيع بربح أعلى كثيراً، أو يحتكر، فيصطنع قلة العرض، وينتظر ارتفاع الأسعار، وفي كل حال يغلي على المستهلكين أسعارهم، يقول الرسول (ص): (لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار).
5 ـ منع بيوع الاضطرار:
قال الإمام علي (كرم الله وجهه): سيأتي على الناس زمان عضوض، يعض الموسر على ما في يديه، ولم يؤمر بذلك، قال تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم).
ويبايع المضطرون، وقد نهى النبي (ص) عن بيع المضطر.
وبيع المضطر: أن يكون شخص ما مضطراً إلى سلعة أساسية غير متوفرة في السوق إلا عند عارض واحد، ويحس العارض بحالة الضرورة التي يعانيها الطالب للسلعة، فيفرض عليه ثمناً أعلى من السعر المعقول، استغلالاً للمستهلك دون وجه حق، ودون إحساس بالأخوة الاسلامية والانسانية.
6 ـ إعطاء المستهلك حق الخيار قبل إبرام العقد وبعده:
فقبل إبرام العقد، هناك خيار مجلس العقد، وهو عبارة عن فرصة للتأمل في مكاسب التعاقد على موضوع معين، تبدأ هذه الفرصة من الجلوس للمساومة والتعرف على شروط التعاقد عند الحاجة، وتنتهي بالتفرق عن الموضوع بالحديث عن موضوع آخر، مثلاً، لدى الحنفية والمالكية، وتنتهي بالتفرق البدني عن مكان التعاقد لدى الشافعية والحنابلة، فقبل التفرق عن الموضوع، أو عن المكان، يكون لكل من البائع والمستهلك حق الخيار في جعل العقد نهائياً، أو إلغائه، حتى ولو بدا عليهما، أنهما وصلا إلى اتفاق نهائي، وذلك ضماناً للتوازن في التداول، وحيلولة دون استغلال المستهلك، يقول الرسول (ص): (البيعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه، حتى يتفرقا).
وأما بعد إبرام العقد، فيحق للمستهلك أن يمارس عدة خيارات، منها: خيار الشرط، وخيار العيب، وخيار الرؤية، وخيار الغبن.
فخيار الشرط: هو أن يشترط المستهلك أو المتملك أن تكون له مدة كافية يكشف فيها بنفسه، أو بواسطة خبير، عن حالة موضوع التعاقد، حتى يتبين جيداً مكاسبه، أو مضاره: وقد شكا تاجر ضرير هو حيان بن منقذ (رض)، إلى رسول الله (ص) انه يخدع في بعض ما يشتري من السلع، فقال له الرسول (ص): اشترط عدم الخداع في البيع، وإذا خدعت كان لك الخيار في إمضاء العقد وفسخه.
إذا بايعت فقل: لا خلابة، ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك. وإن شئت فردد.
وخيار العيب هو حق فسخ العقد إذا وجد المشتري بما اشتراه عيباً،
والعيب حسب المادة 338 من مجلة الأحكام العدلية (ما ينقص ثمن المبيع عند التجار، وأرباب الخبرة)، فمن اشترى بقرة مورس عليها شد الضرع حتى ظهرت وكأنها غزيرة اللبن، ثم كشفت التجربة أنها بقرة عادية، على غير ما تصورها حين التعاقد، هذا المشتري له أن يفسخ العقد إذا أراد، بشرط ألا يكون البيع بيع براءة، حيث يتبرأ البائع من تبعة جميع العيوب، ويقبل بذلك المشتري.
وخيار الرؤية هو كما ترى القاعدة الحنفية، أن (من اشترى شيئاً لم يره، فهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه)، هذا الخيار يشمل العقارات والمنقولات، ولكنه خاص بالمشتري أو المستهلك، ولا حق فيه للبائع: فقد باع عثمان بن عفان لطلحة بن عبيدالله (رض)، أرضاً بالبصرة، لم يكن عثمان قد رآها كبائع، ولم يرها طلحة كمشتر، فقال عثمان: لي الخيار، لأني بعت ما لم أره، وقال طلحة لي الخيار، لأني اشتريت ما لم أر، فحكما بينهما جبير بن مطعم، فقضى أن الخيار لطلحة، ولا خيار لعثمان). وأقر الصحابة (رض)، قرار جبير بن مطعم، وإجماع الصحابة حجة تعود لسماع نص، أو نصوص من المعصوم (ص).
أما خيار الغبن فهو حق امضاء العقد وفسخه، يحق لمن استغل جهله بالأسعار، ففرض عليه ثمن أعلى من ثمن السوق، مما يعتبر عرفاً، غبناً فاحشاً، لا يتساهل بشأنه، ويرى المالكية: أن الغبن الذي يخول حق الخيار للمستهلك ينبغي أن يصل إلى حدود 30% أعلى من سعر السوق.
7 ـ استحباب قبول طلب الاستقالة من العقد:
إذا لم يكن شرط بالخيار، ولا عيب يوجبه، ولا انعدام رؤية الموضوع ولا غبن، وتبين لأحد الطرفين ـ وهو المستهلك في الغالب ـ أنه وقع عليه ضرر من التعاقد، فله أن يطلب من صاحبه أن يقيله من العقد، حتى يعودا إلى الحالة التي كانت قبل دخولهما إلى السوق، والاسلام يرغب المعنى بالطلب في هذه الحالة أن يقبل استقالة صاحبه من العقد، حتى يعودا معاً إلى حالة التوازن السابقة على العقد، يقول الرسول (ص): (من أقال مسلماً، أقال الله عثرته يوم القيامة).
الفرع الثاني ـ حماية مستهلك المشاهد والصور:
المشهد منظر حي، أو طبيعي، يشاهده الانسان، فيؤثر فيه إيجاباً بالارتياح، أو سلباً بالاشمئزاز، يشاهد الواحد منظر البحر الأزرق الهادئ، ويرى الجبال المكسوة بالثلوج، ويرى الأزهار المتفتحة المتعددة الألوان والزكية الرائحة، فتشيع بين جنباته مشاعر الارتياع والمسرة، ويشاهد الواحد الكاسيات العاريات، المائلات المميلات، ويرى الشاب المتأبط لصديقة، أو قابضاً على خصرها، في الشوارع، والحدائق العمومية، وقد يرى ما هو أفظع من ذلك من أنواع الرذيلة والفجور، وخاصة مشاهد المخمورين والمدمنين على المخدرات، يتمايلون ذات اليمين وذات اليسار، وكأنهم مخلوقات هلامية لا تستطيع الحركة المتوازنة، وفي هذه الحال لا بد أن يشعر الواحد بالاشمئزاز، والتقزز، بل وبالغثيان، عندما يرى ذبح الفضيلة العامة على مسرح الحياة اليومية، والرسول (ص يقول: ((أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا من ريحها، فهي زانية)).
لعن رسول الله (ص) المتشبهات بالرجال من النساء، والمتشبهين بالنساء من الرجال.
إن المشاهد هنا مستهلك للمشهد أو المنظر الطيب أو الخبيث، وهو، وإن لم يكن مستهلكاً بالمعنى الاقتصادي الصرف، فهو مستهلك بالمعنى الأخلاقي، لكنه استهلاك له تأثيره الإيجابي أو السلبي على النشاط الاقتصادي، وعلى الانفاق الذي يتجه نحو الإسراف والتبذير في الجانب السلبي، وهذا بدوره يؤثر على الادخار الوطني العام، وبالتالي على زيادة الطاقة التشغيلية.
إن إفساح المجال أمام الرذيلة لفئة من المجتمع يجعل الرذيلة تنتشر، وتهدد الجميع، والمجتمع في تصور الاسلام سفينة واحدة، في بحر الحياة، فإذا خرب البعض السفينة، بخرق في أحد جوانبها، دون اعتراض من بقية الركاب غرق الجميع، من خربوا، ومن لم يخربوا:
مثل القائم على حدود الله، والمدهن فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر، فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها، إا استقوا من الماء، مروا على من فوقهم، فقال الذين في أعلاها: لا ندعكم تصعدون، فتؤذونا، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذ حتى فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم، نجوا، ونجوا جميعاً.
ومن ذلك فلا مجال لللا مبالاة في الاسلام بواقع استفحال الرذيلة، لأنها تجعل الساكت مساهماً بسكوته في انتشار الريلة، ومن ثم يعاقب الساكت كما يعاقب الفاعل، يقول أبو بكر الصديق (رض):
أيها الناس! إنكم تقرأون هذه الآية، وتؤولونها على خلاف تأويلها:
(يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم).
وإني سمعت رسول الله (ص) يقول: ما من قوم عملوا بالمعاصي، وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم، فلم يفعل، ألا يشوك أن يعمهم الله بعذاب من عنده.
إن حماية المستهلك من الآثار المدمرة للمشاهد الخبيثة تقتضي أن توسع مهمة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إلى مستويات متعددة: مستوى المؤمنين عامة، ومستوى العلماء والدعاة، ومستوى الدولة حامية العقيدة بدعم وتوسيع اختصاصات نظام الحسبة، وكذلك بإحياء دعوى الحسبة، حتى يستطيع أي شخص، يشاهد منكراً، أن يرفع دعوى باسمه الخاص، ويطالب بإزالة المنكر، ومعاقبة مرتكبه، فيجاب لدعواه، ويحكم له، ولقد قال الرسول (ص) عن هذه الدعوى، التي سبق لعلماء المغرب أن طالبوا بإحيائها، مثل الأساتذة عبدالله كنون، وعلال الفاسي، وفاروقي رحالي، قال (ص): (( ألا أخبركم بخير الشهود؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها)).
أما الصور فهي نسخ عن المشاهد الحية أو الطبيعية، جامدة، وقد تكون نابضة بالحركة، كما هي الحال في صور التلفاز، والأفلام، ومن ذلك فهي تفعل فعل المشاهد أو قريباً منه، وتعطي نفس الآثار تقريباً، وبالتالي تجب حماية المشاهد من آثارها المدمرة.
ومن الوسائل المستعملة للحماية في هذا المجال لدى بعض الدول الاسلامية تكوين لجان فنية للرقابة الشرعية لدى مؤسسات الإعلام، كما هي الحال في مصر، حيث تعتبر رقابة الأزهر الشريف على الأفلام الدينية شرطاً للحصول على الترخيص بالتوزيع.
إن الصور تخالف المشاهد، فالصور مواد اقتصادية وسلع، فالذي يشتري صورة خبيثة، أو فلماً مركباً من مجموعة من الصور الخيبثة، ينفق ماله في الحرام، من جهة، ويفسد أخلاقه وأخلاق من يحيط به من جهة ثانية، وقد قال الله عز وجل، في الإنفاق الحرام:
(ولا تبذر تبذيراً، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وكان الشيطان لربه كفوراً).
الفرع الثالث ـ حماية مستهلك الأفكار:
من البديهي أن الحقائق العلمية واحدة، لا تختلف حسب المذاهب، أو حسب اللغات والألوان، فالعلم محايد، أو على الأقل، هكذا ينبغي أن يكون، بينما الثقافة باعتبارها ترجمة لتصور مجتمع معين، عن الخالق والمخلوق، وعن الكون والانسان، وعن الحياة مصدرها ومصيرها، وعن القيم الانسانية وأصولها، وعما ينبثق عن ذلك من النظم والقوانين الحاكمة لحركة الحياة وتطورها، هذه الثقافة تختلف محتوياتها باختلاف معتقدات الأمم والشعوب وعاداتها، وأعرافها، ونوعية علاقاتها مع الآخرين عبر التاريخ من التكامل أو العداء، من الحوار أو الصدام كما يقال.
يعتبر الاسلام أن تعدد الأعراق واللغات والثقافات نعمة من نعم الخالق، جل وعلا، تثري الطاقات الانسانية، وتزيد من الخيرات على مختلف المستويات، إذا تم التعارف البناء بين الأمم والشعوب على أساس التعاون والتكامل:
(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).
ويعتبر الاسلام كذلك أن التعدد آية من آيات الله، الدالة على وحدانية الله تعالى، وعلى قدرته، وعلى حكمته في تدبير أمر الناس والحياة:
(ومن آياته خلق السماوات والأرض، واختلاف ألسنتكم وألوانكم، إن في ذلك لآيات للعالمين).
وبناء على ذلك دعا الاسلام إلى كلمة سواء تجمع ـ في المرحلة الأولى ـ كل المتمسكين بالكتب السماوية السابقة رغم التحريف الذي داخل كتبهم، لأن الكلمة السواء ستحمي من آثار ذلك التحريف، فهذه الكلمة تعني: توحيد العبادة لله تعالى وحده، بمعنى الإطاعة في الأمر والنهي، دون أي شريك، وتوحيد الربوبية، بمعنى أن الرب واحد هو الله، ولا حق لأي مخلوق أن يرب الآخرين، على أن من لا يريد الدخول في هذه الكلمة السواء، يبقى له خياره، وعلى الآخرين القبول بهذا الخيار، والشهادة له به، ولتتابع الحياة بعد ذلك مسيرتها في تعيش، وحوار مستمر، فالبشرية أسرة واحدة من حواء وآدم (ع):
(يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله، فإن تولوا، فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).
ولكن الآخر رفض الكلمة السواء التي دعا إليها الاسلام، واتخذ ـ في المرحلة الأولى قبل سيطرة العلمانية ـ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله تعالى، يأخذون منهم التصور العقدي، والنظام الأخلاقي والتشريعي ويغطون ربوبيتهم للناس، بربوبية عيسى لهم، مع ان عيسى (ع)، يجعل الربوبية لله تعالى وحده.
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، والمسيح بن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو).
من جهة ثانية، رفض هذا الآخر الشهادة للمسلمين بخيارهم، وقرر بالوسائل السلمية أحياناً، وبالعنيفة أخرى وبهما معاً في أحايين ثالثة، أن يحاول صد المسلمين عن مشروعهم، حتى لا يضايقوا ربوبيته الأحبار والرهبان:
(ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء).
(ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم أن استطاعوا).
ومنذ ذلك الحين، وجد نموذجان للتصور العقدي، والثقافي العام، وبالتالي الحضاري، يتبادلان الصراع البارد أو الساخن بين الشمال والجنوب.
إنه صراع ثقافي ـ حضاري عنيف في كثير من الأحيان، اكتشف الآخر من خلاله أن القوة وحدها لا تكفي في الصراع، بل لا بد من الغزو الثقافي، عن طريق دراسة أصول الثقافة الاسلامية وتفكيك مكامن القوة فيها، فكان تأسيس الاستشراق، الذي استهدف الحصانة الثقافية في البناء الثقافي ـ الحضاري الاسلامي، فكانت مرحلة جديدة في الصراع، مرحلة تعاون فيها التنصير، والاستشراق، والسلاح، ونهب الثروات، والتغريب اللغوي، والعلمانية التي حصرت الدين في زاوية ضيقة، لتمنح خصائص الربوبية لغير الله تعالى، ولتفتح المجال لتحكم القوة وحدها في شؤون العالم، ولتفرض نموذجاً ثقافياً وحضارياً وحيداً، يهمش بكل الوسائل ما سواه.
هنا طرحت مشكلة حماية المستهلك للثقافة وأدواتها، بما فيها الكتاب، ومواد وبرامج الإعلام والتعليم وغيرهما، وأحس الغيورون بعالم الاسلام بفداحة الخطر في التسميم الثقافي، فهذا يقتل أمماً بكاملها، بينما التسميم الغذائي، مثلاً، قد يقتل فرداً أو أفراداً معدودين: وتبادروا إلى مواجهة ذلك بالردود على الكتابات التي تسيء إلى خصائص الثقافة الاسلامية، ثم إلى المطالبة بمنعها من التداول، حصراً لآثارها ـ ما أمكن ـ في نطاق ضيق، وهكذا ردّ علماء الأزهر على علي عبدالرزاق في كتابه (الاسلام وأصول الحكم) الذي قرر، تبعاً للاستشراق الانجليزي، إن الاسلام لا دخل له في قضايا الحكم، فهو دين كالدين المسيحي، يقسم مساحة الحياة نصفاً لله تعالى، ونصفاً لقيصر، وليس نظاماً شاملاً لكل قطاعات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكان صدور الكتاب ـ كتاب علي عبدالرزاق ـ مزامناً لإلغاء الخلافة الاسلامية بتركيا، ولمحاولة المسلمين ببعث الخلافة من جديد.
وبالمثل رد على طه حسين وتلامذته من أحمد خلف الله وغيره في الهجوم على القصص القرآني، واعتبار قصة يوسف بالذات قصة خيالية من نسج الخيال، لا واقع لها، وتحمل الأزهر مسؤوليته في حماية المستهلك من الأفكار السامة المناقضة لهويته وعقيدته.
وهكذا، أيضاً رد على منكري السنة النبوية، وعلى متهمي المكثرين من روايتها كأبي هريرة (رض)، بالوضع والاختلاق، وعلى متهمي القانون الجنائي الاسلامي بالقسوة، ومتهمي شرط الولي في عقد النكاح بتكريس دونية المرأة، ومتهمي حجاب المرأة المسلمة بمنع الحرية الشخصية، ومتهمي منع الربا في الاقتصاد بالوقوف في وجه الحرية الاقتصادية.. وما إلى ذلك.
لكن هذه الحماية للمستهلك الثقافي أتت وتأتي متأخرة، بعد الإصابة بأعراض العلمانية، والتغريب، والتلمذة المخلصة للاستشراق، وخير منها الوقاية، التي تحول، مسبقاً، دون الإصابة بذلك. وكما يقال: (الوقاية خير من العلاج)، ان ذلك لا يكون في عصر العولمة الثقافية، وهو عصر اتهام الاسلام بالإرهاب، إلا باتخاذ العالم الاسلامي لاستراتيجية ثقافية تحترم هوية المستهلك أو القارئ، وتحصنها وتنميها، وتفتح المجال للحوار الثقافي ـ الحضاري المنضبط بضوابط الهوية الإسلامية، لتسمح باقتناء الصالح من لا تراث الإنساني في الفكر، والعلم، والتقنية، وترفض ما يسيء إلى المسلم، أو إلى الإنسان بصفة عامة، كفكرة إباحة الشذوذ، وتوريث الشاذين، والاستنساخ البشري، وما أشبه ذلك.
وصدق الله العظيم إذ يقول:
(أما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، كذلك يضرب الله الأمثال).